شعوري وحبايبي غايبين عني !!

عشرة أيام كاملة أعاني من الوحدة في شقتنا .
كل ثانية في هذه الشهور العشرة كانت بطيئة.
أقصد الأيام لأن كل يوم مر منها بمعدل شهر .
الغياب كان لأعز وأغلى من عاشرتهم في حياتي .
زوجتي الغالية , وابني الصيدلي دكتور أحمد .
الغياب كان بمباركتي وموافقتي لأنه خير وعبادة.
السفر كان للعمرة بمناسبة مولد النبي الكريم
(صلى الله عليه وسلم )
الرغبة كانت من أحمد , وشجعته والدته على ذلك .
ولأنها أول مرة يخرج فيها خارج مصر في حياته .
كان سعيدا , ولأن معه مجموعة من أصدقائه أيضا .
ولأني رجوت أن تكون هذه الرحلة الايمانية لهدايته .
وافقت . فقد كان معاندا في الشروع في اختيار زوجة .
كنت أحس أن الأيام تسرع بي , وأنني لن أحضر فرحه .
ولكن سعادته كانت هي الأمل الباقي لي في الحياة .
ودعوت الله أن يتقبل منه شوقه الى زيارة مكة والمدينة .
وتأدية العمرة كجزء من تقربه أكثر الى الله واستقراره .
ولكني بابتعاده تلك الأيام الطويلة كالشهور اشتقت اليه .
ومع أنه كان يهاتفني تلفونيا كل يوم . لكن من بعيد .
وأما عن حبيبتي الغالية زوجتي أمه . فلا تسألني عن الشوق .
عشرتها لي ارتسمت في كل نبضة من نبضات قلبي .
كانت هي طاقتي للتحرك والعمل والمشاركة في تربية أبنائي.
كانت هي حياتي التي أعيشها بقربها وبسماع صوتها .
كانت هي كل شيء , ولم أفارقها هذه المدة الا في عبادة أيضا .
صرنا روحا في جسدين , نتذوق طعم الحب بنجاح أبنائنا معا .
كل دقيقة غابا فيها عني كنت أحس بالوحدة .
كنت أنتظر مكالمتهما كل يوم بشوق كبير .
كنت أحلم بهما معا , وبزوجتي وهي بجانبي , فلا أجدها
فأصحو وأفكر وأدعو وأنتظر .
أسألني عن طعم طعامي وشرابي أقل لك : بلا طعم
كنت آكل وأشرب , ما صنتعه لي قبل سفرها لكن مذاقه كان مختلفا .
لم يكن أبدا مذاقه ونحن نتاوله معا , كانت تقسم اللقمة لتضعها في فمي.
وكنت أفعل معها ذلك . وكان أحمد يرانا , ويشعر بسعادة معنا .
كنت شارد الذهن , والعقل والفؤاد , وأتحرك باحساس غريب
كأني تائه في الحياة بدونهما .
وتمنيت لو كنت معهما , أو هما لم يسافرا تلك الرحلة الطويلة .
ويتركاني وحدي أعاني القلق , والخوف , والشوق , والانتظار .
وأنا بطبعي اذا ما أهمني أمر أواجهه بالانشغال في أمور تافهة .
ربما آكل بلا احساس بما أتناوله من طعام أو شراب .
أو ربما ألعب في بعض الأشياء كالصغار لأقتل الوقت .
أو ربما أمشي من هنا الى هناك بدون هدف الا جلب الراحة .
وأين هي الراحة وهم هناك بعيدين عني .!!
أو ربما أكتب أفكار غير ناضجة , أو تحتوي على أي الهام .
كانت زوجتي هي ملهمتي في كل ما أكتب وهي في البيت معي .
حتى لو كانت في المطبخ أو في البلكونة أو في حجرة النوم .
فأستلهم مما تعمله أو تقوله حروف كلماتي .وربما أتحرك لأراها
ثم أعود لأكتب .
أو ربما أصلح في بعض الساعات أو الأقلام القديمة .
أصلحت ستارة البلكونه التي عبثت بها رياح الشتاء
أصلحت تليفون الصيدلية الذي تعطلت بعض أرقامه .
أصلحت أشياء كثيرة أثناء غيابهما بدون قصد ولكن لقتل الوقت .
اقترب موعد عودتهما ان شاء الله . لم يبق الا سويعات قليلة
شعرت بأنني هدأت بعض الشيء مع ترتيب استقبالهما غدا .
أشعر أن الحياة ستعود لعمري من جديد .
أشعر بأن أحمد سيكون أكثر استجابة لنصائحي له بالزواج .
أشعر كأنني سألتقي بحبيبة العمر بعد هذا الغياب .
لا أدري هل سيتحقق رجائي وأعيش حتى الصباح !!!
اللهم أعطني الأمل في الحياة حتى أتذوق طعم قربهما مني
وبعدها فلتفعل بي ما تشاء . انك على كل شيء قدير .!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )