لطائف لغوية في لغتنا العربية
1- ( تفردَّ المأمون يوما في بعض تصيده فانتهى إلى بعض بيوت أهل البادية ؛ فرأى صبيا يضبطُ قربَةً وقد غلبه وكاؤها ( خيطها ) أو ( رباطها )
وهو يقول : ( يا أَبَتِ اشْدد فاها فقد غلبني فوها لا طاقة لي بفيها .)
فقلت للغلام : ممن تكون ؟
فقال : من قضاعة
ــ منْ أيِّها ؟
قال : من كلب
ــ وإنك من الكلاب ؟
قال : لسنا هم ، ولكن قبيل يدعى كلبا
ــ فمن أيهم أنت ؟
قال : من بني عامر
ــ من أيها ؟
قال : من الأجداد ثم من بني كنانة
ثم قال الغلام في أدب : فمن أنت يا خالي فقد سألتني عن نسبي ؟
فقال المأمون : ممن تبغضه العرب كلها
ــ إذًنْ أنت من نزار
قلت : أنا ممن تبغضه نزار كلها
ــ أنت إذن من قريش ؟!
قلت : أنا ممن تبغضه قريش كلها
ــ إذن أنت من بني هاشم ؟!
قلت : أنا ممن تحسده بنو هاشم كلها
قال الراوي : فأرسل الغلام فمَ القربة ، وقام إليه
فقال : السلام عليكم يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
وأنشد قائلا :
مأمون ياذا المنن الشريفة = وصاحب الكتيبة الكثيفة
هل لك في أرجوزة ظريفة = أظرف من فقه أبي حنيفة
لا والذي أنت له خليفة = ما ظلمتَ بأرضنا ضعيفة
عامِلُنا مُؤنتُه خفيفة = وما جَبَا فَضْلا على الوظيفة
فالذئب والنعجة في السقيفة = واللص والتاجر في القطيفة
قد سار فينا سيرة الخليفة
فقال له المأمون : أحسنت أيها أحب إليك ؛ عشرة آلاف درهم معجلة أم مائة ألف مؤجلة ؟!
فرد الغلام : بل أدخرك يا أمير المؤمنين
فحمله المأمون معه وكان من مسامريه !!
2- ( كتب أحد الأمراء رسالة إلى والٍ يُوَبِّخه على فعل مكروه صدر منه ، وأراد ألا يفصح له به إلا بعد أن يفكر ويقرأ الرسالة غير المنقوطة :
(عرك عرك مصار مصار دلك دلك ماحس ماحس معلك معلك ىهدا ىهدا ) والرسالة بعد نقط الحروف فيها تُقرأ هكذا :
( غَرَّكَ عِزُّكَ فَصَارَ قُصَار ذَلك ذُلّك ، فَاخْشَ فَاحِشَ فِعْلَك ، فَعَلَّكَ تَهْدَأْ بِهَذا )
3- حكى السيوطي في(البغية) أن أبا حاتم السجستاني دخل بغداد فسُئل عن قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ}،
ما يقال منه للواحد ؟ فقال: قِ، فقال: فالاثنين ؟فقال: قيا.
قال فالجمع ؟
قال: قوا،
قال: فاجمع لي الثلاثة،
قال: قِ، قيا، قوا.
قال وفي ناحية المسجد رجل جالس معه قماش، فقال لواحد: احتفظ بثيابي حتى أجيء، ومضى إلى صاحب الشُّرطة، وقال:
إني ظفرت بقومٍ زنادقة يقرؤون القرآن على صياح الديك. فما شعرنا حتى هجم علينا الأعوان والشُّرطة فأخذونا وأحضرونا مجلس صاحب الشُّرْطة، فسألنا فتقدمت إليه وأعلمته بالخبر وقد اجتمع خلق من خلق الله، ينظرون ما يكون، فعنَّفني وقال:
مثلك يطلق لسانه عند العامة بمثل هذا ! وعمَد إلى أصحابي فضربهم عشرة عشرة، وقال:
لا تعودوا إلى مثل هذا، فعاد أبو حاتم إلى البصرة سريعاً، ولم يُقِمْ ببغداد ولم يأخذ عنه أهلها