فضل يوم الجمعة ( عبادة وعادة النبي (ص) فيه )2

توقفنا في الحلقة الأولى من هذا البحث عن فضل يوم الجمعة وعبادة النبي صلى الله عليه وسلم فيه عند حديث جبريل عليه السلام عما أعده الله لأهل الإيمان من عباده في يوم الجمعة ، حتى تنتهي نهمةُ ـ أي حاجة كل منهم لبلوغ الهمة باستجابة ربه لدعائه في آخر ساعة من يوم الجمعة يوم القيامة ، ثم يغشى عليهم بما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، ثم يرتفع الجبارُ عن كرسيه إلى عرشه ، ويرتفع أهل الغرف إلى غرفهم وهي غرفة من لؤلؤة بيضاء أو ياقوتة حمراء ، أو زمردةٍ خضراءَ ليس فيها فصم ولا وصم ـ لا تصدعٌ ولا فتور ـ مطردة فيها أنهار متدلية فيها ثمارها فيها أزواجها ، وخدمها ، ومساكنها قال : يتباشرون في الجنة بيوم الجمعة كما يتباشر أهل الدنيا في الدنيا بالمطر . وكان صلى الله عليه وسلم من عوائده الكريمة أن يعظم يوم الجمعة تعظيما ويخصه بأنواع التشريف والتكريم ، ويحفه بأنواع العبادات وللعلماء في يوم الجمعة ، ويوم عرفة قولان : قال بعضهم يوم الجمعة أفضل ، وقال بعضهم : يوم عرفة أفضل ، وكان النبي صلى الله عالسجدةليه وسلم يقرأ في صلاة الصبح من يوم الجمعة سورة السجدة وهل أتى على الإنسان حين من الدهر ، والمراد تذكير الأمة بما اشتملتا عليه مما كان وما يكون لما فيهما من خلق آدم عليه الصلاة والسلام ، وذكر المعاد ، وحشر الخلائق ، وأحوالهم في الجنة والنار ، وليس المراد تخصيص هذا اليوم بالسجدة كما ظنوا ، وقالوا : إن من لم يتهيأ له قراءتهما فليقرأ بعض سورة تشتمل على سجدة أو ليقرأ في الأولى بعض سورة السجدة وفي الأخرى باقيها ، وإنما نشألهم هذا من عدم اطلاعهم على سر ما قرأنا له في هذا اليوم ، وقراءتهما في صلاة الصبح من خواص الجمعة ، الخاصية الثانية : أنه يستحب الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة ، وليلتها ، وفي الحديث الصحيح : أكثروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة وليلة الجمعة ) الخاصية الثالثة : صلاة الجمعة من أعظم فروض الإسلام ومن تهاون في الإتيان بها ختم على قلبه ، وقرب بعض الأشخاص في يوم المزيد بحسب تقربهم إلى الله في يوم الجمعة .وفي بعض الأقوال والنسخ بحسب قربهم من الإمام يوم الجمعة . الخاصية الرابعة : استحباب الغسل في ذلك اليوم وعند جماعة يجب ، ودليل وجوبه أقوى من دليل وجوب الوتر ، ومن الوضوء من مسِّ النساء ومن القهقهة ومن الرعاف ، ومن الحجامة ، ومن القيء ، ومن دليل وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد يعني أن دليل هذه الأشياء أقل من دليل استحباب الغسل وقد حملت على الوجوب . الخاصية الخامسة : مسُّ الطِيب وهو في هذا اليوم أفضل منه في سائر الأيام . الخاصية السادسة : استعمال السِّواك في هذا اليوم مفضل على سائر الأيام .الخاصية السابعة : التكبير للصلاة ، الخاصية الثامنة: الاستغال بالصلاة والذكر والقراءة إلى أن يصعد الإمام إلى الخطبة ، الخاصية التاسعة : الإنصات إلى الخطبة وهو واجب عند أكثر العلماء . الخاصية العاشرة : قراءة سورة الكهف لقوله صلى الله عليه وسلم : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء إلى يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين ...الخاصية الحادية عشرة : عدم كراهية صلاة النافلة في وقت الزوال كما هي في سائر الأيام مكروهة ، وهذا مذهب أكثر العلماء لما رُويَ عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة / وقال : إن نار جهنم تُسَجَّر أي توقد فعلى من يؤمن بذلك أن يتقي الله في جميع حالاته لا سيما في يوم الجمعة ،. وورد في الصحيح استحباب الصلاة في يوم الجمعة إلى وقت الخطبة ، وروى الشافعي بأسانيد متنوعة : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة ) . وللعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال : (أحدها ) أن وقت الزوال ليس بوقت كراهة مطلقا . في حال من الأحوال ، ولا في يوم من الأيام وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله . ( الثاني ) أنه وقت كراهة في الجمعة وغيرها وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة ، وأحد قولي الإمام أحمد بن حنبل ، و( الثالث ) أنه وقت كراهة في جميع الأيام غير يوم الجمعة فإنه ليس بوقت كراهة وهذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله وجميع المحققين . الخاصية الثالثة عشرة :أنها عيد الأمة يكرر في كل أسبوع ، وروى ابن ماجه في مسنده عن أبي لبابة يرفعه : أن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها ، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ، ويوم الفطر ، فيه خمس خلال : خلق الله عز وجل آدم فيه ، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض ، وفيه توفى آدم ، وفيه ساعة لا يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه ما لم يكن حراما ، وفيه تقوم الساعة ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا شجر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة .الخاصية الرابعة عشرة : استحباب لبس أحسن ثوب تصل إليه القدرة وأجوده ؛ وثبت في مسند أحمد ( من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب إن كان له ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج وعليه السكينة حتى يأتي المسجد فيركع إن بدا له ولم يؤذ أحدا ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة له لما بينهما ) وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن سلام أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : في يوم الجمعة : ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته ) . الخاصية الخامسة عشرة : تحريم إنشاء السفر في يوم الجمعة بعد دخول الوقت على من لزمته الجمعة وهذا مذهب جماهير العلماء ، وعند أبي حنيفة كراهة ذلك ، وأما مذهب الشافعي فيحرم من قبل الزوال أيضا لما روي عن الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره ) وقال حسان بن عطية : إذا سافر الرجل يوم الجمعة دعا عليه النهار أن لا يعان على حاجة ولا يصاحب في سفره ). الخاصية السادسة عشرة : استحباب تجمير المسجد بإحراق العود واستعمال الطيب أمر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بتجمير المسجد ، ولم ترى أحدا يبخر المساجد يوم الجمعة في زماننا هذا ، ولا ممن يدعي التمسك بالسنة والمسجد خاص بهم ، ولا أدري ما جوابهم اللهم إلا تقليد السكوت لكبيرهم على ذلك . الخاصية السابعة عشرة : هي أن من مشى إلى صلاة الجمعة كتب له بكل خطوة ثواب صيام سنة ، في مسند الإمام أحمد ومسند عبد الرازق ( من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر أي أدرك الخطبة من أولها وهو من الباكورة ودنا من الإمام وأنصت كان له بكل خطوة يخطوها صيام سنة وقيامها وذلك على الله يسير . الخاصية الثامنة عشرة : هي أن هذا اليوم مكفر للسيئآت ؛ روى سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدري ما يوم الجمعة ؟ قلت : هو اليوم الذي جمع الله فيه إياكم ، قال : لكني أدري ما يوم الجمعة لا يتطهر الرجل فيحسن طهوره ثم يأتي الجمعة فينصت حت يقضي الإمام الصلاة إلا كان كفارة له لما بينه مبين الجمعة المقبلة ) . الخاصية التاسعة عشرة : هي أن جهنم تضرم في كل يوم عند منتصف النهار إلا في يوم الجمعة لأنه أفضل الأيام والعبادات والطاعات فيه أزيد من سائر الأيام والمعاصي فيه أقل وكثير من أهل الفجور والمتوغلين في الآثام يجتنبون المعاصي في يوم الجمعة وليلتها بالكلية ، وهذا كأنه معنى معنى الحديث الذي يشير إلى أن جهنم لا تضرم في هذا اليوم الخاصية العشرون : هي أن في هذا اليوم ساعة إجابة وكل عبد سأل فيها حاجة قبل ، وثبت في الصحيحين ( أن في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه إياه الحلقة الثالثة من هذا الموضوع / فضل يوم الجمعة وعبادة النبي صلى الله عليه وسلم فيه تاتيكم فيمساهمة مستقلة قريبا إن شاء الله .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )