( أمَّـا بَعْـدُ ) فصل الخطاب

أَمَّـا بَعْدُ / بضَمِّ الدال كلمة يُؤْتَى بها للانتقال من أسلوبٍ إلى آخر ، أو لفصل الخطاب بعدَ المقدمة إلى الجوهر والمضمون ، فَيُسَنُّ الإتيان بها وبفروعها أو ما يقوم مقامها من الكلمات ؛ نحو : هذا أو غيرها ، ولمْ تقعْ ( أما بعد ) في القرآن الكريم ؛ بل وقع فيه / هذا ؛ لأنها أوجزُ وأخصر ، وأُتِيَ بها تأَسِّيًا به صلى الله عليه وسلم في الكلام أو الحديث أو الخطبة فقد كان عليه الصلاة والسلام يأتي ب ( أَمَّا بعدُ ) في خُطَبِهِ ونحوها ، كما صَحَّ عنه بل رواهُ عن الرسول صلى الله عليه وسلم اثنان وثلاثون صحابيا رضي الله عنهم جميعا . وقد ورد في الأثر أنَّ الذي ابتدأ بها في كلامه هو : سيدنا داوود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ؛ فهي فصل الخطاب الذي أُوتِيه لأنها تفصل بين المقدمات والمقاصد والخطب والمواعظ وغير ها ، وقيل وردت عن قِسِّ أو كعبِ بن لؤي أو يعرب بن سرحان من قدماء العرب قبل الإسلام ، وفصل الخطاب الذي وصف به داود عليه السلام هو البينة على المدعي واليمين على من أنكر . وجاء في دال ( بعد ) لغات ليس هذا محل بسطها ؛ وهي نابَتْ عن اسم الشرطِ وهو مهما أُجيبت بالألف أذْ التقدير : ( مهما يكنْ من شيءٍ بعدمَا تقدم من الحمد والثناء والتشهد والصلاة والسلام ، فقد رُويَ قولهم : فقد روينا والنون في روينا لإظهار التلبس بالعلم المتأكد تعظيم أهله امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى : ( وأمَّا بنعمةِ ربك فحدثْ ( والعرب كما يقول البخاري تؤكِّدُ فعل الواحد ؛ وروينا بفتح الرَّاء والواو مع تخفيف الواو فتجعله بلفظ الجمع ليكون أثبتَ وأوْكَد . وقد جاء عن عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ؛ وزير المعارف سابقا قوله : لغتنا العربية ملك لنا ولنا أن نضيف إليها من الكلمات المفيدة ما نشاء من التعبيرات المفيدة لثبات البيان والمعنى المستهدف من ورائه .
والله تعالى أعلى وأعلم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )