المكر الإلهي ، والمكر السياسي
موضوع منقول من مدونتي التابعة لاتحاد المدونين المصريين بنصه من منتدى الاتحاد :
مُساهمةموضوع: المكر الإلهي ، والمكر السياسي المكر الإلهي ، والمكر السياسي I_icon_minitimeالسبت يونيو 23, 2012 12:43 pm
المكر هو احتيالٌ في خُفْية لدَسِّ الباطلِ مكانَ الحقِ ،
وهو في كل حلال يعتبر حراما ،
وهو خداع وكيد أو خديعة واحتيال ومن هنا سميت الحرب ؛ كيدا أو خدعة ،
وفيه الخبث والدهاء من أهل الباطل
وحسن التدبير والجزاء من الله تعالى وأهل الحق الذين ينصرونه
، وهو سنة إلهية في الخلق منذ بدء الخليقة وقد ذكره القرآن الكريم في مواضع عدة ،منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى :
أمْ يُرِيدُونَ كَيْداً [الطور )42)
والمكر من الله تعالى كما قال أهل التأويل من العلماء هو جزاء سمي ( مكرٌ مجَازِي) وهو مكر حسن ، في مقابل المكر السيئ ،
واعتمدوا على قوله تعالى : ( وجزاء سيئة سيئةٌ مثلها ...) وقوله :
( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله )سورة فاطر آية 43 ، ومعنى يحيق أي يحيط بهم
وقوله تعالى:
(فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه)
فالأَول ظلم والثاني ليس بظلم ولكنه سمي باسم الذنب ليُعلم أَنه عِقاب عليه وجزاءٌ به، ويجري مَجْرَى هذا القول قوله تعالى: (يخادعون الله وهو خادعهم والله يستهزئ بهم)
وجاء في أحاديث الدعاء : اللهم امْكُرْ لي ولا تَمْكُرْ بي؛
قال ابن الأَثير: مَكْرُ الله إِيقاعُ بلائه بأَعدائه دون أَوليائه،
وقيل: هو استدراج العبد بالطاعات فَيُتَوَهَّمُ أَنها مقبولة وهي مردودة، والمعنى: أَلْحِقْ مَكْرَكَ بِأَعْدائي لا بي؛
وأَصل المكر الخداع
والقدرة على الاحتيال الخفي للوصول إلى الهدف في غير الطريق
السوي ،
ومكر الله هو المِحَالُ ، قال تعالى : ( والله شديد المحال )
وهو المكر بالحق والكيد لنصرته على خداع مكر السوء ، وأصل المحال : الحيلة والمعنى شديد الحول والقدرة والتدبير الحسن.
ولتوضيح أن المكر سنةٌ إلهية خلقت مع البشر كونه حدث مع أنبياء الله تعالى من أقوامهم الذين كادوا لهم ومكروا على الحق الذي جاءوا به ، فمكر الله لأنبيائه حتى انتصروا على خداع الكائدين والماكرين
فهذا نوح عليه السلام يحكي عن مكر قومه له في القرآن في سورة نوح الآية (22) ومكروا مكرا كُبَّارا )؛ بعد أن عصوه وعبدوا آلهة الضلال والباطل من دون الله ، كادوا لنوح عليه السلام كيدا كبيرا
وكان مكر الله أكبر من مكرهم فقد قال تعالى في عقابهم :
( مما خطيئآتهم أغرقوا فأدخلوا نارا ، فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا )آية 25 من سورة نوح
وهذا هو إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء يشير في مخاطبته ربه سبحانه وتعالى إلى مقدرة الله على معرفة كل خفي في الآية 38
من سورة إبراهيم ( ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء ) ثم يحَدِّثُ المولى جل وعلا عن مكر قوم إبراهيم عليه السلام وكيدهم له وهم يحاربون الحق الذي دعاهم إليه أن يعبدوا الله ويتبعوه فأرادوا أن يتخلصوا منه
بالمكر والكيد والخديعة فقال تعالى : ( وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) آية 46 من سورة إبراهيم ،
ثم يبين مصير مكر القوم به ومكر الله سبحانه وتعالى له
في قوله فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام )47 ، ( ليجزي الله كل نفس بما كسبت إن الله سريع الحساب )51
وهذا نبي الله عيسى عليه السلام عندما شعر بمكر قومه وكيدهم به
قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ) ........... ( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) آية 54 آل عمران
وقد نصره الله بمكره الحسن على أعداء الحق اقرأ قوله تعالى :
( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون ) آية 55
وهذا نبي الله صالح عليه السلام مع قومه وقد نصحهم أن يتركوا الناقة ولا يقتلوها فقد جعل الله لها شرب ولهم شرب يوم معلوم ، فاجتمع تسعة رهط من قوم ثمود يفسدون في الأرض وعقروا الناقة ، قال تعالى :
{إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}الأعراف
انبعث لها رجل من عارم، عزيز منيع في رهطه، مثل أبي زمعة) فعقر ناقة صالح ومعجزة الله التي أيده بخروجها من الصخرة ، فأهلكهم الله لمكرهم بنبيه عليه السلام ؛
وقال الله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
يجتمع عليه أهل الشرك من قريش ليقتلوه يوم الهجرة ويكيدون له ومعهم شيطان الإنس أبو جهل اللعين ، ويقترح على أصحابه أن يجتمع من قبيلة رجلُ ثم ينتظرونه أمام بيته ويضربونه عند خروجه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل فيهلل الشيطان فرحا بالخطة المدبرة في مكر وخفاء لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم ،
ولكن سنة الله ألا يتخلى عن رسله ، فيمكر له بما دبره النبي من نوم علي بن أبي طالب مكانه ، ثم بخروجه ووضع التراب على رؤوسهم فلم ينتبه أحد منهم لخروجه وهم ينظرون من فتحة البيت ، كما فعل بكفار مكة يوم أحد عندما صرفهم بعد المعركة وإصابة محمد صلى الله عليه وسلم وقتل سبعين من صحابته ، وقد فكروا بالعودة ليستأصلوا شأفتهم ويقضوا على المسلمين الباقين ، ولكن الله جعل محمدا ينادي على أصحابه ليواجهوا الباطل عقب ما حدث لهم فظن الكفار أن مددا جاءهم من المدينة فانصروا إلى بيوتهم في مكة بما دبره الله تعالى لحماية الحق وأهله
هكذا يكون المكر في كل زمان ومكان من البشر ضد بعضهم البعض
فيقف الله ليساند أهل الحق والصلاح ويدافع عنهم وينصرهم ، ويخذل
أهل الباطل والضلال ويقطع دابر الفاسدين بقدرته ومكره الحسن البالغ التدبير والقدرة ، ولينصرن الله من ينصره عن الله لقوي عزيز.
فليصبر المؤمنون والله يهون عليهم أمر الكيد والمكر من الكائدين والماكرين فإنه إلى حين وأن المعركة بيده هو سبحانه وتعالى وقيادته ( إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا ) حيث لا قوة لهم ولا ناصر،
فهذا كيد وهذا كيد ، وهذه معركة سياسية لا نستبطئ نهايتها فإن الحكمة وراء الإمهال قليلا فالنصر من ورائه إما في الدنيا قريبا أو في الآخرة مع الفوز الحقيقي وحساب الله لأهل المكر والباطل
فندعو الله أن يبطل مكر أعداء مصر من الفاسدين وأعوان النظام الباطل بمكره للمؤمنين الصادقين الذين يدافعون عن مطالب الثورة الشعبية المشروعة لصلاح البلاد والعباد إنه على ذلك لقدير.
تعليقات