هامان وهارون كل عصر
تم الكشف عن اسم هامان في التاريخ بفك رموز حجر رشيد من الآثار المصرية القديمة على يد (شامبليون الفرنسي)
ووجد ذلك في لوح في متحف ( هوف ) في فيينا
وسجل التاريخ أن هذا الاسم عاصر عهد موسى عليه السلام أثناء تواجده في مصر مع الفرعون ( رمسيس الثاني)
كما ورد في الكتاب المترجم ( فرعون المجد والانتصار) للكاتب د. أحمد زهيرأمينمتمت
وقد جاء ذكر هامان في ستة مواضع في كتاب الله تعالى هي :
1- ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون﴾ سورة القصص آية6
2- ( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) سورة القصص آية 8
3- ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ من الكاذبين ) سورة القصص آية 38
4- ( وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ) سورة العنكبوت 36
5- إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّاب ) غافر آية 24 6- ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَاب ) ) غافر آية36
1- ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون﴾ سورة القصص آية6
2- ( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) سورة القصص آية 8
3- ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ من الكاذبين ) سورة القصص آية 38
4- ( وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ) سورة العنكبوت 36
5- إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّاب ) غافر آية 24 6- ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَاب )
وهو الذي شيد الصرح ليرقى إلى رب موسى عليه السلام ، ويقال إنه حمل معه حربة إلى قمة الصرح الذي شاده هامان بالاستعانة بخمسين ألف جندي أقوياء ، ورمي بحربته إلى أعلى ، ولما ارتدت وُجِدَ أن عليها آثار دماء بمشيئة الله تعالى ، فملا نزل الفرعون قال للناس : لقد قتلت إله موسى ، فجاء جبريل عليه السلام ، وبضربة من طرف جناحه ، طار الصرح إلى ثلاثة أجزاء متهاوية صار جزء منها ببحر القلزم ( البحر الأحمر) بمصر ليبطل ماقاله الفرعون لأهل مصر؛ أنا ربكم الأعلى ،
وهناك قول آخر:
أن الصرح هو برج بابل الذي وجد قبل ذلك ب750 سنة(سفر التكوين،11)
واسم هامان يوجد في موضعه الصحيح في قصة ايستر في بابل 1100 سنة بعد فرعون،
ويعتقد يوسف علي [ مترجم تفسير القرآن ] أن الإحالة هي ببساطة تتعلق بهامان آخر، بالرغم أن هامان ليس اسماً مصرياً ولكنه بالأحرى اسم بابلي.اهـ
ومهما كانت صحة أو كذب الرواية الثانية ، وصدق أو المبالغة في الرواية الأولى
فإننا نعتمد في رؤيتنا على ما جاء بكتاب الله نصا صريحا لامجال لتكذيبه أو الافتراء عليه حيث قال فرعون لهامان :
(فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ من الكاذبين ) سورة القصص آية 38
ومن معنى الآية الكريمة نعرف أن المصريين القدماء هم أول من عرف الأحجار الحمراء التي تنتج من إيقاد النار على الطوب اللبن المصنوع من الطين والماء
ونستطيع أن نخلص إلى أن هناك أكثر من هامان :
1- فهامان فرعون ؛ أنموذج لكل فاسد ومفسد معين على الشر والضلال لاينصح بالخير والحق ، بل ينصاع مطيعا يوافق الظلم على جبروته وباطله ، وهؤلاء هم بطانة السوء
ووزراء النفاق والقهر ونهب أموال وخيرات البلاد ، والمتصدين لأهل الخير والصلاح
بالقوة والعنف ، يوافقون بلا تفكير على ما يراه سيدهم المتكبر في الاعتداء على حقوق
الجماهير المقهورين لإرادتهم بالقيود والتعذيب والأغلال
وما تشير إليه الآيات الست الكريمة تصفهم وتبين انهم ضالون مضلون خاطئون
2- وهناك هارون أنموذج آخر يهدي إلى الخير وينصح به ويعين عليه وهم صنف من الوزراء الذين يستعين بهم الأئمة والحكام العادلون اقتداء بالرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ؛ وهذا ما ذكرته الآية القرآنية الكريمة على لسان موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في قول الله تعالى :
(ويسر لي أمري ( 26 ) واحلل عقدة من لساني ( 27 ) يفقهوا قولي ( 28 ) واجعل لي وزيرا من أهلي ( 29 ) هارون أخي ( 30 ) اشدد به أزري ( 31 ) وأشركه في أمري ( 32 ) ) كي نسبحك كثيرا(33) ونذكرك كثيرا(34)إنك كنت بنا بصيرا )(35)سورة طه
قال المفسرون وأهل اللغة :
( والوزير من يوازرك ويعينك ويتحمل عنك بعض ثقل عملك ، ثم بين من هو فقال : ( هارون أخي ) وكان هارون أكبر من موسى بأربع سنين ، وكان أفصح منه لسانا وأجمل وأوسم ، وأبيض اللون ، وكان موسى آدم أقنى جعدا . ( اشدد به أزري ) قو به ظهري . ( وأشركه في أمري ) أي : في النبوة وتبليغ الرسالة )
وهذا الهارون الصالح المصلح الناصح بالخير والمعين عليه يؤازره المولى سبحانه وتعالى ، ويجعله من بطانة الخير الهادية المهدية التي تقف أمام الظلم وتقاومه بالنصيحة الواجبة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في الحديث الذي :
رواه مسلم في الصحيح من حديث تميم الداري وله شواهد عند غير مسلم، يقول صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة، قلنا:لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
وقال مفسروا الأحاديث الشريفة : إن العمل بهذا الحديث هو رُبْعُ الدين
فكل وزير يصفق ويبصم على ما يقوله أو يفعله حاكم ظالم هو هامان
وكل مرؤوس يفصل القوانين الظالمة الجائرة للحاكم الفاسد فهو هامان
وكل من يوافق برفع الأيدي على قانون باطل (موافقة ) فهو هامان
وكل من كتم شهادة حق سمعها أو رآها فهو آثم وهو هامان فرعون
وكل مرتشٍ من صاحب حق لأداء عمل من مهنته فوق راتبه فهو هامان
وكل امرأة تعين زوجها على فساد أو نهب أو ظلم لرعيته فهي هامان
وكل زوج يستمع إلى باطل زوجته لإثراء أبنائه من حرام فهو هامان
وكل كاذب على الناس يدلس عليهم في علم أو عمل يؤديه فهو هامان
وكل مساند لأمثال هؤلاء من الفئة الباغية بالقول أو العمل فهو هامان
وكل من نصح حاكما بتوريث ابنه الحكم على ما يعرف من فساده فهو هامان
وكل من جامل أو توسط لمن ليس له حق أن يأخذ حق غيره فهو هامان
.................................إلخ نستطيع أن نقول: إنه هامان فرعون
هو الذي فَرْعَنَهُ ، وهو بعد انهيار الباطل والظلم مَنْ
( فرَّ عَنْهُ ) أي نراه اليوم يكيل للفرعون التهم :( فَرَّ عنْهُ منْ فَرْعَنهَ)
وهو هامان الذي ( أطاح به منْ أحاط به )
وهو هامان الذي ( فارقه بعد أن رافقه ) في الفساد والشر والنهب والظلم
وكثرا ما استعان الحكام في كل عصر بوزراء من أمثال هؤلاء الهارونات من البشر الضالين المضلين كأداة لتنفيذ شرورهم وهم يعلمون أنهم يستفيدون من سكوتهم وموافقتهم بالباطل من وراء مناصبهم الزائفة والتي يكشفها الحق
عندما تأتي جولته بالصلاح والإصلاح ، فيهوون في أعماق السجون مع من دفعهم أو دفعوه إلى الظلم والفساد ،
والتاريخ يحكي قصصا غريبة تؤكد وجود هامان الفرعون في كل عصر ، ففي أيام العباسيين عين أبو مسلم الخراساني وزراء هامانيين عرفوا بالبرامكة وحدثت لهم بعد ذلك ما يسمى بنكبة البرامكة على يد الخليفة العباسي هارون الرشيد من قتل
وتشريد، ومصادرة أموال المنهوبة ظلما ، وقد
كانوا وزراء الدولة
وأصحاب الأمر والسلطان،
في حكم هارون الرشيد، إذ أنها كانت حلقة في
سلسلة نكبات طالت وزراء الدولة العباسية منذ
قتل أبي مسلم الخراساني بتدبير الخليفة أبو جعفر المنصور، وقتل معظم
المقربين من الخلفاء العباسيين
ويذكر التاريخ أن أحد أبناء الفاسدين بعد ان سيق به إلى
السجن مع أبيه سأل أباه : ما الذي جعلنا في السجن بعد
العزَّ يا أبتاه؟!
قال الأب : إنها دعوة مظلوم ظلمناه يا بني
فإن دعوة المظلوم ليس يبنها وبين الله حجاب
واليوم يعيد التاريخ نفسه بما أفرزته ثورات الشعوب العربية من مصائر
كل هامان تفرعن أو فرعن حاكمه على شعبه!!
أما هارون الخير فهو من دلائل الحق الظاهر إلى يوم القيامة يؤيده الله
في رسالته الخَيِّرَة بالنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ؛
فكل من نطق بشهادة الحق أمام سلطان جائر فهو هارون خير وصلاح
وكل أعانت زوجها على عبادة ربه والتقرب إليه فهي هارون خير وصلاح
وكل من ساعدت زوجها في عمل الخير وتأدية رسالته بشرف وأمانة فهي هارون
وكل من أقنعت ابنها أو زوجها بترك منكر أو مكروه يضر فهي هارون
وكل من نصح بنصيحة تهدي إلى خير ورشاد لوجه الله فهو هارون
وكل من أتقن عمله وأجاد فيه بقدر طاقته في مهنته فهو هارون خير
وكل من راقب الله وحاسب نفسه قبل أن يحاسب غيره فهو هارون
وشتان ما بين هامان وزير فرعون
وهارون أخو موسى عليه السلام
وكان يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام
وزيرا لحاكم مصر وأشار القرآن إلى ذلك في الآية(55) من سورة يوسف :
( "قال اجعلني على خزائنِ الأرض إنّي حفيظٌ عليم".) فكان أنموذجا لهارون الخير
واستدل بعض المعاصرين بهذه الآية على جواز طلب الإمارة ، أو الوزارة وجواز إعطائها لمن طلبها إذا كان من أهلها الذين يؤتمنون عليها
وهارون يوسف هو الذي اختاره ليعينه على الحق
عندما صار حاكما على مصر ،لم يكن بهيئة
وزراء اليوم المهيبة والقشيبة وإنما الأساس
بالباطن المتمسك بالدين ،والراجع إلى الحق وهو
الذي باع يوسف عليه السلام ثم ندم بعد أن وصل
يوسف إلى سدة الحكم وأصلح البلاد وأنقذها من
دمار
اقتصادي كاد يلحق بها
فكن أيها الأخ الكريم دائما هارون خير وصلاح وناصح أمين
ولا تكن هامان فرعون تعين على الشر والفساد وتنهل منه لتجني ما يجنيه كل ظالم وفاسد وخارج عن قيم الدين والأخلاق في دنياك بالفضيحة والمهانة ، وفي آخرتك بالعذاب الأليم .
تعليقات