خواطر وذكريات (1)


استمعت إلى جدي رحمه الله ، وكان عالما كفيف البصر لكنه كان متفتح البصيرة ، وكنت أقرأ له خطبة الجمعة قبل أن يخطب في الناس بمسجده المعين فيه من وزارة الأوقاف ( وهو مسجد سيدي عبد الله الصامت رضي الله عنه ) في مدينة رشيد بمحافظة البحيرة ؛ وكان قد اختارني من أبي لأكون في كنفه ورعايته لأساعده في الذهاب إلى المسجد وقراءة الكتب الدينية من سيرة وفقه وغيرها ، بجوار مذاكرتي لدروسي .وكنت وقتها في الصف الأول الثانوي في أواخر الخمسينات 1958 تقريبافأخذ ينصحني ويزرع في وجداني القيم الدينية وهو يقول :( يانبي اقرأ كثيرا وتعلم مما تقرأ أكثر....)


اعلم يا محمد ـ هكذا قال جدي عن ( الحكيم ):
( أن جَسَدَ ابن آدم ثلاثةُ أجزاء ؛ فجزءٌ منها قلب الإنسان ، والثاني لسانه ، والثالث جوارحه...
وقد أكرم الله تعالى كل جزءٍ بِكَرَامةٍ ؛
فأكرم القلب بمعرفته وتوحيده
وأكرم اللسان ؛ بشهادة ألا إله إلا الله وتلاوة كتابه ( القرآن الكريم )
وأكرم الجوارح بالصلاة والصوم وسائر الطاعات التي يحبها ويجزي عليها
ووكل على كل جزء رقيبا وحفيظا
فتولى حفظ القلب بنفسه سبحانه وتعالى فلا يعلم ما في ضمير العبد إلا الله
ووكل على لسانه الحفظة قال سبحانه :( وما يلفظُ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد )
وسلط على الجوارح الأمر والنهي ؛ ثم إنه يريد من كلِّ جزءٍ وفاءً
فوفاءُ القلبِ ؛ أن يثبتَ على الإيمانِ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن قلوب العبادِ بين أُصْبُعَيْنِ من أصابعِ الرحمن يقلبها حيثُ يشَاءُ)
اللهم ثبت قلوبنا على دينك فلا يحسد ولا يخون ولا يمكر
ووفاءُ اللسان ؛ ألا يغتاب ولا يكذِب ، ولا يتكلم بما لا يعنيه
ووفاء الجوارحِ ؛ ألا يَعْصِ الله تعالى ، ولا يؤذِ أحدًا من المسلمين
فما وقع من القلب فهو منافق
وما وقع منه من اللسان فهو كافر
وما وقع من الجوارحِ فهو عاصٍ ) انتهى

ثم عقب قائلا :
نقَّ قلبك لله
وأمسك عليك لسانك
وروض جوارحك لامتثال أمر الله والبعد عما نهى
تكن عارفا بربك مُتَقبَلا في دعائك عاملا لآخرتك

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )