من مواعظ التاريخ في سِيَرِ الحُكَّام
الأمير زياد بن أبي سفيان والي البصرة بالعراق :
===========================
قصة وعبرة :
سنة 45 هجرية .( بلغ الأمير زياد أن قوما من شيعة الكوفة سبوا معاوية بن أبي سفيان منهم حجر بن عدي ) ،
وكان زياد أميرا على البصرة وأضاف إليه الكوفة بعد موت المغيرة بن شعبة بالعراق من قِبَلِ معاويةَ ، فجاءهم وخطب فيهم مهددا خروجهم عن طاعة الخليفة،وكان بليغا مُفوهًا لا يجاريه في البلاغة بعد عليٍّ بن أبي طالب أحدٌ ومن أشهر خطبه ( البتراء ) ، وقال : ....إن غِبَّ البغي والغي وخيم ، لئن لم تستقيموا لأداوينكم بدوائكم ، لأجعلن حجر بن عدي نكالا لمن بعده ، ولأمنعنه عن الكوفة ، وجاءوا بحجر له بعد أن أظهروا لزياد طاعتهم ، فقال حجر : ما خلعت طاعة ولا فارقت جماعة وإني على بيعتي ، فقال زياد : ( على أهلها جنت براقش )1، وأحضر زياد جماعة شهدوا على حجرأنه جمع الجموع وأظهر شتم الخليفة ، ودعا إلى حرب أمير المؤمنين ، فأمر زياد بحجر بن عدي إلى السجن،وحبس معه رؤوس أصحابه ،ثم أرسل بحجر وأصحابه إلى معاوية بدمشق ،فلما اقتربوا منها أمر معاوية بقتل ثمانية منهم وترك الباقين وهم ستة تبرأوا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،ولما علمت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما فعله معاوية بعد أن هدأت الفتنة الكبرى التي دارت رحاها بين ( علي وبين معاوية وأم المؤمنين عائشة في موقعة الجمل ، واستقر الأمر لمعاوية وتوقف القتل وبايع الناس معاوية ) حزنت وأرسلت إليه عبد الرحمن بن الحارث ،
فقال لمعاوية فيما فعل في حجر وأصحابه : أين غاب عنك حلم أبي سفيان ؟ قال معاوية : حين غاب عني مثلك من حلماء قومي .
وقالت عائشة : لولا أنا لم تُتِمَّ شيئا ، ولصارت بنا الأمور إلى ما هو أشد منه ، لغيرنا قتل حجر بن عدي
وأنشدت هند بنت زيد الأنصارية ترثي حجر بن عدي وهي تتشيع لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد مقتله تقول :
ترفع أيها القمر المنيـــــــر =تبصر هل ترى حجرا يسير
يسير إلى معاوية بن حرب = ليقتله كما زعـــم الأمــــــير
تجبرت الجبابر بعد حجر = وطاب لها الخورنق والسدير
فإن يهلك فكل زعيم قوم =من الدنيــــا إلى هــــــلك يصير
وكان الأمير زياد بن أبي سفيان يحكم العراق بحكم عرفي بعد خطبته البتراء التي لم يبدأها بحمد الله تعالى ،حتى أطلق عليها المقطوعة المشوهة ، يأخذ الولي بالمولى ، والمقيم بالظاعن ، والمقبل بالمدبر ، والمطيع بالعاصي ، والصحيح بالسقيم ، وكان حكما ليس جاريا على القانون الشرعي الذي يقصر المسئولية على المجرم ، وإنما ذلك شيء يلجأ إليه الطغاة عند اضطراب الأمن ، لإرهاب الناس وتهديدهم ،وقد سنَّ أو قنن زياد في هذه الخطبة عقوبات لم يسنها الإسلام ؛ ومنها على سبيل المثال لا الحصر : من نقب عن بيت نقبنا عن قلبه ، ومن نبش قبرا دفناه فيه حيا ،ومن أحرق قوما أحرقناه ، وسَجْنُهُ للمُدلِج أي السائر بالليل ) فكان يعاقب على الظنة ويأخذ بالشبهة دون تحرٍّ عن الواقعة ، وقد خافه الناس خوفا شديدا ، فاستتب الأمن وسكنت الفتن ، ودخل الناس في طاعة بني أمية رغبا ورهبا .) وقد حارب إرهاب الخوارج بهذه السياسة حتى مكن لبني أمية الخلافة في دمشق
وكان شعاره المكتوب في مجلس سياسته ؛( شدة في غير عنف، ولين في غير ضعف ، المحسن يجازى بإحسانه ، والمسيء يعاقب بإساءته )
وكان شعاره المكتوب في مجلس سياسته ؛( شدة في غير عنف، ولين في غير ضعف ، المحسن يجازى بإحسانه ، والمسيء يعاقب بإساءته )
وكان العراق في عهده يعيش في فتن عمياء مظلمة فكان يقول : ( لو ضاع حبلٌ بيني وبين خراسان لعرفت آخذهُ )
وانتهت حياة زياد بأن أصابته الحمى فمات بالثوبة إلى جانب الكوفة عام 53هجرية
وتلك الأيام نداولها بين الناس ، ويعيد التاريخ دورته من جديد في البلاد العربية والإسلامية بحكام لم يراعوا في شعوبهم إلا ولا ذمة يعيثون في الأرض فسادا معتمدين على القهر والقوة التي يملكونها أمام أبناء الأمة غافلين عن سير من سبقوهم من الحكام في قمع الفتن ومحاربة الإرهاب والقتل الذي لا يرضاه دين ولا ملة لأبناء الوطن الواحد مسلمين ومسيحيين بواسطة عصابات مأجورة دفعها الجهل
والتطرف البغيض في معاداة الشعب بتمكين قوى داخلية وخارجية لهم من تملك السلاح والتشبع بفكر ضال يهدي إلى الفجور والتدمير لكل شيء ، بداية بأنفسهم التي يفجرونها معتقدين أنهم سيذهبون بانتحارهم هذا إلى الجنة وهيهات هيهات أن يذقوا نعيمها ، بعد أن قتَّلوا الأبرياء وروعوا الأمنين من الأطفال والنساء والشيوخ
ألا يتدبر هؤلاء الحكام سيرة العدل في القضاء وفي رعاية الأمة في عهود الحضارة المشرقة في أيام عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز والصحابة والتابعين من مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأيام ازدهار العصر العباسي الأول ،
أم هي نشوة الشيطان يزين بها كراسي السلطة لأناس لم يتدربوا عليها، ليظلوا في بُعْدٍ عن الحق والعمل به ، لجمع شمل الوطن وليس في بث الفرقة والبغضاء بين أبنائه لتستمر الفتن مشتعلة في غواية الإغراء بمناصب زائلة وسِيَرٍ مذمومة بعد أن يأتيهم أمر الله بغتة وهم لا يشعرون ؟!!
والتطرف البغيض في معاداة الشعب بتمكين قوى داخلية وخارجية لهم من تملك السلاح والتشبع بفكر ضال يهدي إلى الفجور والتدمير لكل شيء ، بداية بأنفسهم التي يفجرونها معتقدين أنهم سيذهبون بانتحارهم هذا إلى الجنة وهيهات هيهات أن يذقوا نعيمها ، بعد أن قتَّلوا الأبرياء وروعوا الأمنين من الأطفال والنساء والشيوخ
ألا يتدبر هؤلاء الحكام سيرة العدل في القضاء وفي رعاية الأمة في عهود الحضارة المشرقة في أيام عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز والصحابة والتابعين من مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأيام ازدهار العصر العباسي الأول ،
أم هي نشوة الشيطان يزين بها كراسي السلطة لأناس لم يتدربوا عليها، ليظلوا في بُعْدٍ عن الحق والعمل به ، لجمع شمل الوطن وليس في بث الفرقة والبغضاء بين أبنائه لتستمر الفتن مشتعلة في غواية الإغراء بمناصب زائلة وسِيَرٍ مذمومة بعد أن يأتيهم أمر الله بغتة وهم لا يشعرون ؟!!
==========
1- أصله مثل عربي أصله أن كلبةً نبحتْ في حيٍّ من العرب ،فأرشدت أعداءهم إلى مكانهم فباغتوهم وأعملوا فيهم السلاح ،
تعليقات