مَنْ عَلَّمني حرفا صرت له عبدا

أصل قصة العنوان ؛ وهو مثلٌ عربي شهير : من علمني حرفا صرت له عبدا ، ما قرأته في كتاب المفرد العلم عن قصة ذلك المثل قول المؤلف : يُرْوَى أن مؤدِّبَ الخلفية المأمون حضرَ ذات يومٍ ، وانتظر خروج المأمون حتى سئمَ الانتظار ، فلما حضر المأمون ضربَهُ مُؤدِّبَه فبكى ، فإذا بوزير من وزراء أبيهِ استأذن عليه فاستوى المأمون جالسا ، ومسح عينيهِ وأذن له ، فلما دخل قابله المأمون بالبشر والإيناس ، ولم يُظهِر له أي كَدَرٍ أو ضيق ، حتى انصرف ، فلما ذهب الوزير قال المؤدِّبُ : للمأمون كنتُ أظُنُّ أن تذكر له ما كان بيني وبينك ؟!، فقال المأمون : إني لا أحبُّ أن أطلِعَ أحدًا على احتياجي إلى الأدب ، وواالله ما يطمعُ مني والدي في مثل هذا ، لأن من علمني حرفا صرتُ له عبدا .... فَسُرَّ منه مؤدبه وأحسنَ معاملته . علقت على هذا الحوار الذي دار بين المأمون ومؤدِّبَهُ بعد قراءتي للموضوع يوم 28 من إبريل عام 1976م فقلت : ورد بخاطري أنه ما أحلى أن يكون للمرء شعار يُقَدِّسَهُ في الحياة بينه وبين نفسه ، مهما واجه النقص عند الآخرين في العمل به معه ، ما دام مقتنعا بفضيلة وصدق هذا الشعار والواجب يبنغي ألا تؤثر فيه أبدا أو تزحزحه عن مبدئه ، أفعال تهدم شعاره أمام عينيه ، ونحو ذلك أن تعشق الأمانة مثلا وتنتهجها طريقا لسعادتك ، وتثق بالله الذي هداك إليها ولتعلم أن حملك لها ليس هينا بل عظيما ؛ ألم تسمع قول الله عز وجلَّ : إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا ) فلماذا لا تكون ممن يحملها وهو راضٍ ومتحمل لصعوبتها ليكرم نفسه وذاته بصدق مبدئه ومنهجه ليرضي ربه ونفسه ويتميز عن غيره في أدبه وطاعته لمؤدبه ومعلمه .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )