شرح وتوضيح حديث ( من أعلام النبلاء للعرباض )
الحديث رقم 2244 لأبي نجيح العرباض ذكرت في نهايته إننا سنوضحه إن شاء الله اليوم ونستكمل الشرح لمفرداته وبعض معانيه في مضمونها مختصرين في الحديث ؛
المفردات : موعِظةٌ / من الوعظ وهو النصح والتذكير بالعواقب تنويها للتعظيم أي موعظة جليلة أو بليغة .....
وجلت : أي خافت في مقام تخويف ووعيد ...... ذرفتْ : أي سالتْ دموع العيون ؛ ومن فهمهم لموعظة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ خافوا وطلبوا أن يوصيَهم وصية جامعة كافية لأنهم فهموا إنه يودعهم ليتمسكوا بها بعده ، ليسعدوا في حياتهم وآخرتهم بالعمل بها ، بالسمع والطاعة ، ....تأَمَّرَ عليكم : يعني ولاية لا تصح ولايته من باب الإخبار بالغيب ؛ الذي يحدث فيه ما يُخِلُّ بنظام الشريعة الإسلامية ، وقد حدث ذلك في العصور الحديثة في معظم البلاد الإسلامية ، .... فعليكم : أي التزموا في تلك الظروف بسنتي أي طريقتي وسيرتي بينكم التي أنا عليها وهي الطريقة القويمة والسبيل الصحيح الواضح .....وسنة الخلفاء الراشدين أو عن بعضهم فهم أولى بالاتباع ، .... عضوا عليها بالنواجز احترازا من النهش أي تأخذكم الاختلافات في الفتن إلى الهلاك والموت ومعنى النواجذ آخر الأضراس العليا والسفلى ومعناه الأخذ بأطراف الأسنان وأياكم : تحذير وتخويف من البدع المخترعة على غير مثال سابق من السنة الصحيحة وسبوك الصحابة الراشدين من بعده صلى الله عليه وسلم ، والضلالة : أي عكس الحق فليس بعد الحق إلا الضلال وهو الكفر والشرك والعصيان ومنشأ الذم لمن اتبعوها وتركوا الحق المبين من القرآن والسنة التي تعين على وضوح الصراط المستقيم الذي يهدي الله أصحابه لمعرفته والسير عليه . ومثال ذلك ما يفهم من ( محدثات الأمور ) إذا فُرضَ أن خليفة من الراشدين أمر أو سنَّ سنةً لا يعضدها أي يقويها دليل شرعي امتنع اتباعها ولا ينافي ذلك في رشده لأنه بشر قد يخطيء ويزيغ المستقيم يوما ما ؛ فلقد جاء في حديث شريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( ... لا حليم إلا ذو عثرة ، ولا حكيم إلا ذو تجربة ؛ وعلينا أن نعلم أن الكلام إمَّا عام أريد به عام مثل قول الله سبحانه وتعالى ( والله بكل شيءٍ عليم ) ، أو خاص أريد به خاص نحو ( وأوتيت من كل شيء ) وهي تدمر كلَّ شيء أي يحتاج إليه الملوك والحكام من الآلة والعدة والسلطان وتهلك كل شيء مرت عليه وهذا ما فسر به الإمام السيوطي ومنه قول الشاعر لبيد :
وكل نعيم لا محالة زائلُ ......أو خاص أريد به عام أي من الكلام نحو : ( ولا تقلْ لهما أفٍ ولا تنهرهما ) أي لاتؤذهما بشيء من أنواع الإيذاء .....
قاعدة : كلُّ حُكمٍ أجازهُ الشارع أو منعهُ أو أمكنَ رَدُّهُ إلى أحدهما فهو واضح ؛ فإن أجازه مرةً ومنعهُ أخرى فالثاني ناسخٌ للأول ، وإن لم يرد عنه إجازته ولا منعه ولا أمكن رده إلى أحدهما بوجه ففيه الخلاف ؛قيل : ورود الشرع به إذ لاحكم ، فلا تكليف فيها بشيء ، وقيل : يرجع فيه إلى المصلحة والسياسة فما وافقها منه أخذ ، وما لا تُرك .
والله تعالى أعلى وأعلم
تعليقات