خواطر رشدي كريم
هذه مجرد خواطر قد تصيب وقد تخطئ . وعلى كل من يقرأها أن يحققها بنفسه قبل أن يعتمدها.
قال تعالى :" لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا "
يستوقفنى دائما فى هذه الآية جملة "وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ" فلو تأملناها سنجدها
فى أمر صادر من الله إلى خاتم أنبيائه و تشير إلى حسن النساء وجمالهن.
وتأتي الجملة الاعتراضية ـ ولو أعجبك حسنهن ـ لتزيد الأمر كمالا بمعناه التوكيدي في النفي والاستثناء فتحرم على الرسول التزوج بعد ما عنده من النساء بأخرى حتى وإن تمتعن بالحسن الذي يعجب به .
و يثار تساؤل، هل أمر الله للنبى بحاجة إلى توكيد حتى ينفذ النبى أمر الله، من المؤكد أن الإجابة بالنفى.
ماذا أضافت؟؟. ولو أعجبك حسنهن إذن .؟
إنني قد أتعلم منها بعض الدروس فى فن الإدارة.
الجملة موجودة فى الآية فلنتأملها.
إن هذا الأسلوب من التوكيد (افعل كذا ولو كذا أو لا تفعل كذا ولو كذا)
لو تأملنا وفكرنا بروية فسنجد أن ما يكون بعد "لو" هو أشد ما يمنع من الأمر أو هو أشد ما ينهى عنه. فالمعروف أن (لو) حرف
يفيد امتناع الشرط لامتناع الجواب
يعني امتناع الإعجاب من النبي لامتناع حدوث الزواج منه صلى الله عليه وسلم .
فمثلا ولله المثل الأعلى إن أمر مدير سكرتيرته أن لا تحول إليه تليفونات , وأراد أن يؤكد الأمر بهذا الأسلوب فلن نجده يقول مثلا "لا تحولى إلى التليفون حتى ولو اتصل بى موظف الأمن"
ولكن نجده مثلا يقول "لا تحولى أى تليفونات حتى لو اتصل بى رئيس الجمهورية"
هو يقول ذلك لأن أى متصل سيكون دون هذا المستوى فهو يختار أشد ما قد يؤدى إلى الفعل الذى يريد منعه.
فإذا استخدم الله هذا الأسلوب فى التوكيد فلنا أن نستنتج أن أشد ما يدعو الرجل إلى نكاح المرأة :
هو أن يعجبه حسنها.
ولابد هنا أن نشير أننا نتحدث عن الطبيعة البشرية .
و ذلك لا يتعارض أبدا مع أمر النبى صلى الله عليه وسلم
"فاظفر بذات الدين تربت يداك"
ولا أعلم أن نكاح من يعجبك حسنها من ذوات الدين حرام أو حتى مكروه .
بل هو على الأغلب الأكثر استحبابا فمن المؤكد أنه الأكثر ضمانا لاستمرار الحياة الزوجية لتكون أكثر استقرارا بعد ذلك .
ولو تأملنا بدقة نجد أن الله لم يقل :"لو كن حسناوات" وإنما قال "وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ" أى أن الفيصل هو الإعجاب بالحسن وليس الحسن ذاته.
ونجد الآية تتحدث عن الحسن كما لو كان أمرا مسلما به . فالله يقول "حُسْنُهُنَّ" ولم يقل "من كن حسناوات منهن"
ومعنى ذلك في تصوري أن كل النساء حسناوات ولكن الفارق بالنسبة للرجل هل يعجبه هذا الحسن أو لا يعجبه.
وما يعجب رجلا قد لا يعجب آخر.
وأى امرأة مهما قيل فى دمامتها ما قيل فقد خلق الله فيها الحسن كما خلقه فى باقى النساء وأظن هناك من الرجال من سيعجبه حسنها.
وعندما أتفكر فى هذه النتيجة أجد فيها كثيرا من رحمة الله ببنى البشر رجالا ونساء.
فلو كان إعجاب الرجال بالنساء مطلقا وليس نسبيا بمعنى أن تكون هناك امرأة تعجب كل الرجال, وغيرها تنفرهم كلهم, فتخيل حال زوج هذه الفاتنة .
وتخيل حال تلك الدميمة على أغلب الظن بلا صاحب أو رفيق.
يثور هنا تساؤل هام،!!
علمنا أشد ما يعجب الرجل من المرأة .
فما هو أشد ما يعجب المرأة من الرجل؟؟.
لا أعرف الإجابة على وجه التحديد،
نترك الأمر لعلماء الاجتماع والطب النفسى للبحث .
ولا مانع من البحث أيضا فى الأدلة الشرعية .
ما يمكننى أن أستنتجه هنا أنه عندما نجيب على هذا السؤال سنجد أيضا أن إعجاب النساء بهذا الشئ هو نسبى بحت.
كما فى حالة إعجاب الرجال بحسن النساء،
ذلك لأن رحمة الله بالنساء هى نفسها رحمته بالرجال.
فكلهم خلق الله وعياله.
نلخص النتائج فى نقاط
1- خلق الله كل النساء حسناوات.
2- أشد ما يدعو الرجل إلى نكاح المرأة هو حسنها(هذه طبيعة بشرية لا تتعارض مع الأمر بذات الدين).
3- إعجاب الرجال بحسن النساء أمر نسبى بحت يختلف من رجل لآخر.
4- أشد ما يعجب النساء من الرجال أيضا أمر نسبى.
سبحان الله ثلاثة كلمات فيها هذه المعانى والله أعلم بما خفى
" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا "
" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"
تعليقات