الاصطفاء
الانتقاء , والاختيار .
إن الله سبحانه وتعالى يصطفي من الناس ومن مخلوقاته ، ومن الأماكن ، ومن الأزمنة ما يشاء ,
ويختار بحكمته وقدرته وعدله وإرادته ما لايتدخل في حكمه أحد من خلقه في هذا الاصطفاء والانتقاء والاختيار ، فيفضل سبحانه إنسانا على إنسان من البشر ويحبه ، فعلينا
أيضا كعباد مطيعين لخالقنا ومولانا ، أن نحب من أحب الله .
فقد اختار جل وعلا أنبياءه ورسله من أكرم عباده واصطفاهم لرسالاته
بحكمته البالغة ، فكان على من بعثوا إليهم أن يطيعوهم ويهتدوا بهم .
واختار الله من الأماكن ( مكة ) لتكون بيته الحرام .
واختار من شهور العام أربعة حرم ( من الأزمنة ) ومنها : رجب الذي بين شعبان ورمضان . الذي نعيش أيامه المباركة هذا الشهر . وجعله شهر الله .
وكانت العرب تعظمه قبل البعثة , ومعنى : الترجيب في اللغة التعظيم .
وفيه حادثة الإسراء والمعراج حيث اجتمع الأنبياء سلام الله عليهم جميعا ،
في مكان فضله الله تعالى واصطفاه وهو بيت المقدس ، والذي جعله رسولنا الكريم ثالث المساجد التي يشد الرحال إليها ؛ بعد المسجد الحرام بمكة ، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثم المسجد الأقصى بالقدس الشريف الذي أمَّ فيه محمد بقية الأنبياء جمعهم الله إليه.
فسبحان من اصطفى واختار رجاله وأماكن محبته وأزمنة تفضيله على بقية
الأزمنة والأمكنة , ومن الأيام المصطفاة والمفضلة عنده سبحانه وتعالى ؛ يوم الأضحى
وما فيه من ذكريات عن إبراهيم عليه السلام , ويوم الفطر ؛ وما فيه عن منح الله تعالى أجر الصائمين في رمضان على صومهم .
ويوم الجمعة عيد المسلمين الأسبوعي .
وعلى العاقل ألا يسوي في العمل الصالح الذي يقوم به بين ما ينبغي أن يفعله في تلك الأماكن والأزمنة المختارة وبين غيرها ، أو بين من اصطفاهم الله لرسالاته من خلقه وبين غيرهم في الولاء لهم وطاعتهم , والاقتداء بهم لأنهم
أحباب الله وأصفياؤه ، على أنه مطالب بالطاعة لله في كل وقت وفي كل مكان .
وممن اختارهم الله من البشر لرسالاته :
44- نوح عليه السلام :
********************
********************
وهو النبي المجتبى والمصطفى عليه وعلى نبينا محمد وجميع الأنبياء الصلاة والسلام ، وكان اسمه ( شاكرا) ؛ سمي بذلك لكثرة نوحه وبكائه من خوف الله تعالى ، وكان أول من أُمر بنسخ الأحكام ، وأُمر بالشرائع , وكان من قبلِه نكاح الأخت مباحا , فأُمر بتحريم ذلك على عهده , فكذبه قومه , وظل يدعوهم إلى عبادة الله زمنا طويلا , وهم يمرون عليه وهو يصنع الفلك ويسخرون منه ,
فأرسل الله عليهم الطوفان , فغرقت الدنيا كلها ؛ إلا من كان معه بالسفينة التي حمله الله عليها {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ }القمر13 , وكان معه أربعون رجلا وأربعون امرأة من البشر , فلما خرجوا من السفينة ماتوا كلهم إلا أولاد نوح ؛ ( سام ) و ( حام ) و ( يافث ) ونساؤهم ؛ كما قال تعالى في كتابه الكريم {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ }الصافات77( وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) (77) الأنبياء , فتوالدوا حتى كثروا , فكان العرب والفرس والروم كلهم من ولد ( سام ). والحبش والسند والهند كلهم من ولد ( حام ) , ويأجوج ومأجوج والصقالبة والترك كلهم من ولد ( يافث ) . وبنوح وذريته انتشر الخلق في أنحاء المعمورة ؛ من الكرة الأرضية . فكما كان آدم عليه السلام أبو البشر الأول ومنهم نوح عليه السلام ، بدأت البشرية جيلا جديدا يعتبر نوح أباهم بعد آدم عليه السلام . وصلى الله على نوح وعلى محمد وجميع أنبيائه المصطفين الأخيار .
تعليقات