الذنوب ، والتوبة منها
المعاصي التي عمت البشرية في هذا الزمان ، وكثرت حتى لم ينج منها أحد
عرفها ابن تيمية بأنها : ترك شرع الله ، وعرفها آخرون بأنها : فعل المحظورات ، وترك المأمورات.
وتنقسم المعاصي إلى كبائر ، وصغائر
ومن الكبائر ؛ الشرك بالله وهو أولها وأخطرها ، ولا تقبل من صاحبه توبة ، إلا إذا رجع إلى الحق وآب إلى الطاعة والتوحيد
وترك الشرك والنية على عدم العودة إليه أبدا.
قال تعالى :( إن الله لايغفر أن يشرك به ، ويغفر لما دون ذلك لمن يشاء )
ومن الكبائر عقوق الوالدين ، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم والربا .
وأما الصغائر فهي ما سماه العلماء بالذنوب والآثام والخطايا والسيئات والهفوات وهي ما دون الكبائر في المعصية .
وتنقسم الذنوب إلى أربعة أقسام :
ذنوب ملكية
وذنوب شيطانية
وذنوب سبعية
وذنوب بهيمية
وإذا أردنا أن نضرب أمثلة عن كل نوع من هذه الذنوب ؛ فإن أولها من ينازع الله سبحانه وتعالى في صفة من صفاته التي
انفرد بها ، كالكبرياء والعظمة والتعالي والجبروت ، فقد نرى من البشر من يجعل أنفه في السماء ويرى البشر حشرات لا
قيمة لهم في نظره ، يحتقرهم ويتكبر عليهم كفرعون الذي كان يقول أنا ربكم الأعلى .
وأما الذنوب الشيطانية : فهي الفساد في الأرض ، والصد عن دين الله ، والإغواء بالشر ، والخداع والمكر والتدليس على
مخلوقات الله ، وكلها من حيل الشيطان في صرف المخلوق المكرم عن طريق الهدى والرشاد إلى طريق الضلال والفساد.
ومن أمثلة الذنوب السبعية : التشبه بالوحوش الضارية في سفك الدماء والقتل والعدوان على الآمنين من المؤمنين وهي قريبة
من فعل الهوى والنفس الأمارة بالسوء .
ومن نماذج الذنوب البهيمية : الجري وراء شهوتي الفرج والبطن والتحرش بالمحارم من النساء وزنا العين ، وعدم الشبع
في الأكل والشرب بما جبلت عليه نفس المذنب من الشراهة والطمع وفقد العقل ، فهو يودي بنفسه بإشباع رغباتها البهيمية.
ولكل هذا المعاصي كبيرها وصغيرها آثار سيئة على الفرد والمجتمع فهي السبب في تأخره وعدم استقراره وفقره وما يعانيه
من نكد العيش وبلاء الأمراض والأوبئة وتفكك الروابط وكثرة المفاسد والشرور .
فإذا ما شاعت هذه الذنوب في مجتمع قلت أرزاقهم وغضب عليهم ربهم ، وساءت دنياهم ، وانتظرهم مصير مظلم في آخرتهم.
وقد يستدرجهم الله تعالى فيملي لهم في الأموال والأولاد لكنه يمهلهم ولا يهملهم فإذا ما أخذهم أخذهم أخذ عزيز مقتدر.
وقد تسوء خاتمتهم إذا لم يقلعوا عن مفاسدهم بالتوبة النصوح بشروطها الشرعية .
وهذه الشروط هي : الندم على فعل المعصية ، والعزم على عدم الرجوع إليها ، والإقبال على فعل الطاعات لطلب المغفرة من الله
وإذا كان الذنب في حق العباد فيزيد شرط رد المظالم إلى أصحابها وطلب السماح منهم بالرضا عنه لتقبل توبته.
وإذا كان الله قد شكر للرجل الذي سقى كلبا يلهث من العطش ، وغفر له لفعله الجميل ، فما بالنا إذا كان تقديم المعروف والعمل الصالح
للمؤمنين من البشر المحتاجين إلى فعل الخيرات من أهل الخير والصلاح ، فإن ذلك أولى أن يكون دليلا على قبول توبتهم عن الذنوب التي ارتكبوها ، ونحن جميعا مثقلون بصغائر الذنوب السيئات والهفوات ، ومنا من يسقطه حمله من كبائرها ، ولا مهرب ولا محيص
لنا إذا رغبنا في النجاة من الهلاك إلا التوبة النصوح ، والرجوع إلى شرع الله . والدعاء الصادق أن يتقبل الله توبتنا إليه .
تعليقات