آداب التصرف / مقال نحو النور

الكاتب المعروف رحمه الله / المرحوم محمد زكي عبد القادر في كتاب اليوم الذي قدم له الصحفي الكبير الأستاذ مصطفى أمين في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وكان الكاتب قد عمل صحفيا بالأهرام بجوار مكتب أ. مصطفى أمين ثم أصبح رئيسا لتحرير جريدة الأهرام بعد ذلك ، قال مصطفى أمين في تقييمه لكتاب نحو النور : ذات يوم اتصل بي الرئيس جمال عبد الناصر وقال لي :ارفتْ يعني :(افصل أو أبعد ) زكي عبد القادر من العمل . سألته عن السبب فقال لي :إنه يتكلم في إذاعة صوت أمريكا ، ولم أشأ أن أخبر زكي بقرار رئيس الجمهورية ؛ بل قلت له : إن بعض المصريين يعترض على إذاعتك في صوت أمريكا . قال : إنني لاحظتُ أن كل الكُتَّّابِ في البلاد العربية يتكلمون في إذاعة أمريكا ،ولهذا قبلت أن أقول رأي مصر في إذاعة أمريكا مقابل بضعة مليمات . وقال : وما دام مصري واحد يعترض على ذلك فلن أذيع بعد اليوم كلمة واحدة في صوت أمريكا ،وأبلغت ردَّ زكي عبد القادر إلى الرئيس عبد الناصر فقال لي : خلاص ... يِفْضَل ( يعني يبقى )زكي عبد القادر ، وبفي زكي عبد القادر حتى أسلَمَ الروحَ وهو في ميدان النضال والعمل صحفيا شريفا ، ووطنيا نزيها ، عفَّ الضمير والقصد ، له بيان ورأي ، وما كان بيانه ورأيه إلا لخير الوطن !!. فأين هم الصحفيون والإعلاميون والكتاب اليوم من أدب المرحوم ركي عبد القادر ؟!! ==============
هم أشتات مُسَيَّرُونَ لا مُخَيَّرُون يَرْتَدُونَ لُبَاسَ النفاقِ والخوفِ والقهرِ وتكميم الأفواهِ !!!! يقول صاحب المقال المرحوم زكي عبد القادر : المقال من فن النثر في الأدب العربي شوارع القاهرة إلى جانب ما فيها من زحام خانق ووسائل مواصلات مكتظة ، حافلة أيضا بالعبارات البذيئةِ ، والشتائمِ التي تُلقى جُزافًا ابتداءً أو ردًّا بالمِثْلِ أو تسليةً ولهواً...، وقد يقال:إنه لا حيلة لنا حتى الآن في الزحام والاكتظاظ ، ولكن لماذا البذاءةُ والفُحش في القول ؟ ألا نستطيع أن نمسك ألسنتنا ونهذِّب ألفاظنا ، ونسلكَ كما يسلُك المتحضرون في تصرفاتهم ؟ ألا نستطيعَ بدل أن يدوسَ أحدُنا على قدم الآخرِ ويشتبك معه في شجار ،يتبادلُ وإياه أقذَرَ الشتائم في سرعة مذهلةٍ ،أن يعتذِرَ ويعفوَ وتمرّالمسألةُ بسلام ؟!. وحتى إذا لم يقع هذا الاحتكاك .. فإن بعضَ الألسنة طُبِعَتْ على الفُحْشِ تتلفظُ به وتلوكُهُ كأنه قُدْرَةٌ أو براعةٌ أو تَسْرِيَةٌ ، حتى إذا روى أحدهم إلى الآخر قصةً أو حادثا رواها بصوتٍ عالٍ ملأها بالألفاظ العارية الخادشة للاعتبار والذوق وحسن الأدب ...لماذا يقع هذا في شوارعنا ؟ هل هو طبعٌ أو هوايةٌ أو فهلوةٌ ؟هل هو عدم اعتبار للناس من حوله وإحساسه بأن الشارع له، أو أن الأوتوبيس ليس فيه غيره؟....وحتى في صمت الليل والشوارع خاليةٌ أو تكادُ لا نعدمُ صببا أو شابا يطلقُ ساقيه للريح ويتلفظ بعبارات قبيحةٍ كأنها أغنية أو أنشودة ... إذا قلنا أن الرحمة خانتهُ ولا حيلة لنا فيها فلماذا نضيفُ إليها ما يجرحُ الشعور والإحساس ؟ وما يؤذي الأذن دون حاجة أو ضغطٍ أو ضرورة ؟.....ألا توجدُ لدينا بيوتٌ مهذَّبةٌ تعلم أبناءها كيف يكون الحديث المهذَّب ؟... ألا توجد لدينا مدارسُ ومعاهدُ وجامعات تلقنُ تلاميذها وطربها كيف يكون احترام الناس ورعاية شعورهم ؟!!!... ألا يوجد لدينا تليفزيون وإذاعة وصحافة وسينما وكتب تعلم هذا كلَّهُ ؟ آسف ؛ فإنه في بعض الأحيان تعلمُ الفُحْشَ لأنها لاتستخدمه في عرضِ قضاياها ومسلسلاتها وموضوعاتها ... إنها مسئولية البيتِ والمدرسةِ والجامعة وأجهزة الإعلام ـ وأكاد أقول وسلطان البوليس المحترم ، ولكنني لا أحبُّ أن يتعلم الشعبُ أدبَ الحديث والتصرفِ بالقهر أو بالنَّبُوتِ !!!!.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )