الإدارة الناجحة

من نفس الكتاب ( نحو النور ) للكاتب المرحوم محمد زكي عبد القادر ...... إدارة العمل فن من أبرع الفنون وأكثرها عائدا ونفعا ، وقد لخص أحد قادة العمل الناجحين جوهر الإدارة بأنها القدرة على تشغيل الآخرين بحيث تحصل منهم على أكبر طاقاتهم دون أن يفقدوا اهتمامهم بالعمل وحرصهم عليه . وإذا دخلت عند مدير أي عمل من الأعمال ووجدت مكتبه مكدسًا بالأوراق والملفات ووجدته غارقا بينها لا يكاد يرفع رأسه عنها فاحكم دون تردد أنه مدير فاشل ، وأن مرؤوسيه لا يشعرون بتعاطف معه ولا يبذلون غاية جهدهم ، وأن انتاجهم آخذٌ في الضعف والتدهور ، وإذا دخلت عند مدير آخر ووجدته فارغا أو يكاد ، ليس على مكتبه إلا ورقة ، فاحكم أنه مدير ناجح في الأغلب ، فالمدير الناجح ليس هو الذي يدس أنفه في كل صغيرة وكبيرة ويريد ألا تتحرك ورقة إلا إذا راجعها وأمضاها بنفسه وسأل عن كل صغيرة وكبيرة فيها ، فإن مثل هذا المدير يهدر وقته ضياعا في أشياء صغيرة ويقول مفاخرا بأنه يعرف كل شيء مع أنه في الواقع لا يعرف شيئا !! فإن ما ينبغي أن يعرفه المدير الناجح ليس كل صغيرة وكبيرة بل مستقبل الشركة التي وكلت إدارتها إليه ، أو المصلحة التي آلَ إليه الإشراف عليها ، إن مستقبل الشركة أو المصلحة هو الهدف الأكبر الذي يليق بالمدير الكبير ..، يبحث دائما دائبا فيما ينمي الشركة ويضاعف من نشاطها أو فيما يحسن الخدمة التي تقوم بها المصلحة ويقلل من نفقاتها ويزيد من إيراداتها ... ولا بأس عليه إنْ هو جعل اهتمامه بهذه الغاية الكبرى ، أن تضيع عليه بضعة قروش هنا أو تضيع عليه بضعة تقصيرات أو تجاوزات من هذا الموظف أو ذاك ، فإن الحصيلة الكبرى للعمل هي الأساس وهي مقياس النجاح أو الفشل .....وكسب احترام المرؤوسين وثقتهم وتعاطفهم هو الأساس الذي لا أساس غيره في نجاح الإدارة وتقدمها ، وطبق هذا المبدأ أو هذه القاعدة على أي مدير أو مسئول تصل إلى الحكم السليم الصحيح من أصغر مدير لأقل وظيفة حتى الحاكم للمحافظة أو الدولة في أي مكان في العالم . فالنجاح يهرب منك كما يتبدد الرمل من بين أصابعك والماء من كفك مالم تحرص عليه بالعمل يوما بعد يوم وليلة بعد ليلة وعاما بعد عام تبعا لهذه القاعدة . والله أعلم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )