عمر مكرم| نقيب الأشراف المصري / ثقافة وتاريخ (2)



نشأة السيد عمر مكرم :
ولد السيد عمر مكرم في مدينةِ أسيُوط بمصر ، ونشأ بها في أسرة شريفة تنتسِبُ إلى البيْتِ النبوي الشريف ، ويقول الأستاذ العقاد مؤلف كتاب عبقرية عمر مكرم : أطلعنا أحدُ المتَّصِلين بالنَّسبِ في التاريخ القديم إلى أن اسمه وَرَدَ في حَجَّةِ وَقْفِ مسْجِدَهُ بأسيوط بتاريخ 1205 هجرية ، بأنه السَّيِّد عمر مكرم هو بن  سليمان بن عَلِيٍّ ، ولقد عثرنا  في مكتبته بأسيوط في حَجَّتينِ لوَقْفَيْنِ وَقَفَهما الأولى في سنة 1210 هجرية ، والأخرى في سنة 1235 هجرية ؛ وفيهما نُعِتَ بأنه ( فَرْعُ الشَّجَرَةِ الذَّكِيَّةِ ، وطرازُ العِصَابَةِ الهاشِمِيَّة الشيخ الإمام العَلاَّمَةِ الهُمَام أوحَدُ الأفاضِلِ العِظَام السيد الشريف الطاهر العفيف مولانا سراج الدين عمر أفندي نقيب السَّاة الأشراف ) ونحن لا نعرف إلا اسم أبيه والده ، وقد ذكر عَرَضًا في إحدى الحجتين وهو السيد حسين ، وكان رجلا شديد الاعتزاز بنفسِهِ لا يرى أنَّهُ كبير بنسَبِهِ وَبِعَظَمَةِ آبائهِ ، بل بما يَحسُّهُ من الكرامة والفضل ..... وكان كاتبُ التراجم الصادق الذي ترجم لمِئَات من أعيَانِ القرنين الحادي عشر والثاني عشر للهجرة وبدء العام الثالث عشر ؛ وهو مؤلفُ كتاب ( عجائبُ الآثار ) لم يذكر ترجمة له إذ كان لا يكتبُ سيرة رجلٍ إلا في سنةِ وفاتهِ ، وقد تُوُفِيَ ذلك المؤرخُ قبل وفاة السيد عمر ، فَفَاتَنَا قِسْطُ ثمِينٌ من العلم عن ذلك البَطَل المصري كُنَّا نَظْفَرُ به  لو فُزْنَا بتلك الترجمة في كتابه ..... ونستطيعُ أن نقول على وجهِ التَّقْرِيبِ أنه وُلِدَ حوالي عام 1755 للميلاد ، قبل أن يعلو نجم ملك مصر العظيم الذي تحدثنا عنه في المساهمة السَّابِقةِ بمدونتي / غذاء الفكر وبقاء الذكر ..... وقد قيل أن محمد علي باشا كان يتحدثُ بأنه وُلِدَ في سنة 1769 للميلاد ، وهو العام الذي وُلِدَ فيه ( نابليون بونابورت ) ، وصار واليا على مصر في عام 1805 م وكانت سِنَُّهُ عند ذلك نحو ستةٍ وثَلاثينَ عاما ، وكان السيد عمر مكرم أَسَنُّ منه بغير شَكٍّ ؛إذ أن الباشا يُجِلُّهُ إجلالَ الابن للوالد وقد خاطبهُ بقوله : ( والدنا ) في بعضِ كتبه في عام 1819 م وكانت سن الباشا عند ذلك قد أَوْفَتْ على الخَمسين ، فما كان ليخاطبهُ بمثل هذا الخطابِ إلا إذا كان في سِنٍّ متقدمةٍ 
وكان السيد عمر مكرم في عام 1205 للهجرة ( 1971) للميلاد .رجلاً ناضِجًا جَدِيرًا بأنْ تُوكَلُ إليهِ أُمُورٌ هامةٌ من أمور الدولة ، فإنه قام عند ذلك بسفارة هامةٍ بين كبار أمراءِ مصر ، وقد بلغت مصر في أيامهِ من التقدمِ الاقتصادي ، والمَجْدِ السياسيِّ مبلغا عظيما ، ثم رأى الانقلاب الذي أحدثه محمد بك أبو الذهب ، ثم وفاتهُ العجيبة وهو في قمة المجد وزهو الانتصار ، ورأى بعد ذلك ما أصاب مصر من الانتكاس والاضطراب في أيام ابراهيم ومراد ، وما لحقَبها من تدهورٍ في حياتها العامة وثروتها ونظامها ...


وقد تعلم السيد عمر مكرم على أسلوب عصرهِ وَ تَخَرَّجَ في الأزهر الشريف وحصل على قسطٍ وافرٍ من العلوم التي كانت معروفة في مصر في عصره ، وكانتْ له عنايَةٌ بالقراءةِ في كُتُبِ الدين والفقهِ واقتنى مكتبةً كبيرةً لا يزال جزْءٌ منها محفُوظًا في دار الكتب المصرية يحملُ اسمهُ ، و لهُ سِجِلٌّ خاص ، غير أنه كان بطبعه مَيَّالا إلى الانصرافِ للحياة العامة ، ولهذا لم يشتغل بالتدريس في الأزهر كما كانت عادة علماء العصر ، ولم يتفرغ لتأليف ولا لتصنيف ، إذ كان  استعداده  العقليّ والنَّفْسِيّ يميل بهِ نحو السِّيَاسَةِ والاهتمام بأمور المجتمع المصري ، وقد اتخذ  أعداؤهُ ومنافسوهُ هذا الميْلَ إلى الانصراف للأمور السياسية وسيلةً لِلْحَطِّ من شَأنِهِ فيما بعد ، فكانوا يصفونه بأنه صاحب حِرْفَة أو جابي وَقْفٍ ، ولذا لم يَكُ معروفا بما كان يلقبُ به رفقاءهُ من خريجي الأزهر بلقب الشَّيْخ ؛ بل كان معروفا بلقب ( السَّيِّد ) ويشار إليه أحيانا ( بالسيد عمر أفندي ) ، وكان من أعرق أسرتين لهما مكانة معروفة منذ أجيال هما : أسرة السَّادات المنتسبة إلى السيد وفا ، وأسرةُ البكرِِي ، وكانت رياسةُ الأسر الشَّريفَة محصورة في هذين البيتين يتوارثونها ويتعاقبان عليها و يتنافسان فيها زمنا طويلا .......................


وهذه نبذة مختصرة عن بعض تاريخ السيد عمر مكرم  الذي أقيم له تمثال كبير في ميدان معروف باسمه في القاهرة تراه في الصورة الموثقة من صور جوجل الأثرية لمعالم القاهر بمصر ... وَ ُيْمكِنُ للقارئ الكريم أن يضيف إليها مما أخترته في الفيديو المعين للمساهمة في هذه المساهمة المتواضعة المفيدة ثقافيا وتاريخيا لمن يرغب في ذلك . والله أعلى وأعلم .
      

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البلاغة والمجاز

صـورة بــلاغية !!

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )