من الجناسات اللغوية
قال تعالى في سورة الرحمن الآية (35) ( يرسل عليكما شواظ من نارٍ ونُحاس فلا تنتصران ) فلو قال قائل : عندي (صديرية) من نُحاس ألبسها عند الحرب ، فهذا يشير إلى نوع من أردية الأمان لتلقي الضربات في الصدر دون وقوع أذى والمعروف أن النحاس معدن من المعادن المستخرجة من باطن الأرض كالحديد والذهب وغيرها ؛ أما في الآية الكريمة ، فالمعنى بخلاف ذلك في أقوال المفسرين : فالنُحاس معناه فيها الدُّخَانُ وإذا استخدمت اللفظة بالمعنيين في عبارة أو أسلوب باللغة العربية سمي ما بينهما بالجناس التام لأنهما اتفقا في عدد الحروف وضبطها وترتيبها نحو قولنا : كانت حربا ضروسا يرتدي فيها الفرسان النُّحاس ، وتثور فيها النيران والنحاس وقال النابغة الجعدي في معنى النحاس أي الدخان : تضيء كمثل السِّراج الذبا = ل لم يجعل الله فيه نحاسا فما أروع لغتنا العربية ذات الدلالات الراقية والمثيرة للذهن للتفكير في معاني ألفاظها لتنشيط العقل للبحث عن فهم المقصود منها.