تصويبات لغوية لأخطاء شائعة رقم ( 6 )


لقاء الاثنين الساعة الحادية عشرة مساء
30أغسطس2010
في المركز الصوتي لملتقى الأدباء والمبدعين العرب
تصويبات لغوية

1- الخطـأ في وضع فعلين أمام كلمة ( مندوحة )

قرأت حوارَ طلبِ استقالةٍ ،وقد كانت تكون لي مندوحة في التزام الصمت.
والصواب أن أقتصر على الفعل الماضي :وكان لي عن هذا الأَمر مَنْدوحة أَي مُتَّسَعٌ؛
وليس هذا من غلط أَهل الصناعة،
 وذلك أَن انْداحَ انفعل وتركيبه من دوح،
 وإِنما مَنْدُوحة مفعولة فكيف يجوز أَن يشتق أَحدهما من صاحبه؟
ومنه قيل: لي عنه مَنْدُوحة ومُنْتَدَحٌ أَي سَعَة.
وفي حديث عمران ابن حُصَيْن: إِن في المَعاريضِ لمَنْدوحةً عن الكذب؛
 قال أَبو عبيد: أَي سعة وفُسْحة،وغلط فيما جعله مشتقاً حين قال: ومنه قيل انْداحَ بطنه وانْدَحى، لأَن النون في المندوحة أَصلية والنون في انداح واندحى من الدَّحْوِ، فبينهما وبين النَّدْح فُرْقانٌ كبير،
 لأَن المندوحة مأْخوذة من أَنْداح الأَرض واحدها نَدْحٌ، وهو ما اتسع من الأَرض؛
 ومنه قول رؤْبة:
 صِيرانُها فَوْضَى بكلِّ نَدْحِ ................
ومن هذا قولهم: لك مُنْتَدَحٌ في البلاد أَي مذهبٌ واسع عريض.
2- من غير اللغة الفصيحة أن نقول :(عديم النظام)

فرجلٌ عَديمٌ: لا عقلَ له.
 وأَعْدَمَ إعْداماً وعُدْماً: افتقر وصار ذا عُدْمٍ؛ فهو عَديمٌ ومُعدِمٌ لا مالَ له والعَديمُ الفقير الذي لا مالَ له، وجمعه عُدَماء. وقال في العديم:
وعَدِيمُنـا متـعففٌ متـكرِّمٌ  =  وعلى الغنيِّ ضَمانُ حقِّ المُعْدِمِ
وهو مُنْقَطِعُ القَرِينِ، بكسرها: عَديمُ النَّظيرِ.
إذا قصدنا معنى ( فاقد النظام )
فيفهم ذلك  بتأويل وتكلف، فالعديم : الأحمق والمجنون
والصواب أن يقال : عادم النظام أي؛ فاقده .

3- من الخطأ عندما نوجه الشكر لأحدٍ أن نقول :(أنا ممنون ) لك
قال اللغوي أَبو عمرو في لسان العرب : المَمْنون الضعيف، والمَمْنون القويّ.
وقوله عز وجل: وإِنَّ لكَ لأَجْراً غيرَ مَمْنونِ؛
 جاء في التفسير: غير محسوب أو مقطوع. فلا يجوز القول :أرجو قبول شكري وامتناني ، ولا يسعني وصف ممنونيتي ،
وأنا ممتن لك بمعنى شاكر ، ولا امتننان بمعنى شكر أو فضل أو إحسان ؛ عندما نقول : امتن عليه بمدح قصيدته أو قصته .
والمَنُّ القطع، ويقال النقص
وقال أَبو بكر في قوله تعالى: مَنَّ اللهُ علينا؛
 يحتمل المَنُّ تأْويلين: أَحدهما إِحسانُ المُحْسِن غيرَ مُعْتَدٍّ بالإِحسان، يقال لَحِقَتْ فلاناً من فلان مِنَّةٌ إِذا لَحِقَتْْه نعمةٌ باستنقاذ من قتل أَو ما أَشبهه،
 والثاني مَنَّ فلانٌ على فلان إِذا عَظَّمَ الإِحسان وفخَرَ به وأَبدأَ فيه وأَعاد حتى يُفْسده ويُبَغِّضه، فالأَول حسن، والثاني قبيح.
وكذلك قوله تعالى :(لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ......)
وفي أَسماء الله تعالى: الحَنّانُ المَنّانُ أَي الذي يُنْعِمُ غيرَ فاخِرٍ بالإِنعام؛ وأَنشد:
 إِن الذين يَسُوغُ في أَحْلاقِهِمْ= زادٌ يُمَنُّ عليهمُ لَلِئامُ
وقال في موضع آخر في شرح المَنَّانِ، قال: معناه المُعْطِي ابتداء، ولله المِنَّة على عباده، ولا مِنَّة لأَحد منهم عليه، تعالى الله علوّاً كبيراً. وقد قرأت أن كلمة ممنونية مولَّدة وتعبير تركي الأصل . على وزن محظوظيو ومحسوبية .
4- من الخطأ القول: لا يجب أن نسكت عن الإساءة لأحد في الملتقى
ونحن نريد وجوب التنبيه ، بعدم جواز السكوت ؛ لأن انتفاء وجوب السكوت يثبت جوازه ، وهو خلاف المراد أو المقصود.
والصواب أن يكون الأسلوب اللغوي الصحيح :
إما بتقديم الفعل ( يجب ) على ( لا).
وإما باستعمال الفعل( يجوز) بدل ( يجب )
فيقال : ( يجب ألا نسكت ..)
أو يقال : ( لايجوز أن نسكت )
5- الخطأ في استعمال :(ناهيك ) بمعنى ؛ علاوة على أو فضلا عن
نحو : ناهيك عن تحول الحوار إلى التلاسن والسباب وهذا خطأ كبير.
والقول : هو بارع في شعره ناهيك عن معرفته للعديد من فنون الأدب واللغات.

ولو رجعنا إلى ما تقوله اللغة العربية الفصحى عن معنى ( ناهيك )
هي كلمة تعجب واستعظام بمعنى ؛ حَسْبُكَ
كما تقول مثلا : ناهيك بفلان شاعرا أو كاتبا.
وتأويل معناها الصحيح : أنه ينهاك عن طلب غيره ؛ أي كافيك
في كونه شاعرا أو كاتبا .
6- من الخطأ وصف نفاسة الشعر أو الشيء بأنه ( قيِّمٌ )
بمعنى ذوقيمة
كقولك : كتاب قيِّم ، ومقال قيم ، وقصيدة قيمة .........إلخ
والصواب في اللغة أن القيم بمعنى المستقيم
وقد ورد اللفظ في القرآن الكريم : في سورة التوبة وصفا للدِّين
قال تعالى :(إن عدة الشهور..........منها أربعة أربعة حرم ذلك الدين القيِّم) 36
وفي سورة الكهف ورد وصفا للقرآن الكريم قال تعالى:(قَيِّما لينذر بأسا شديدا من لدنه .)2
وقيِّم المرأة زوجها ، والقيّشم على الأمر متوليه وحافظه
قال ابن منظور في لسان العرب :
أمر قيّم مستقيم ، وفي الحديث : ذلك الدين القيِّم ، أي المستقيم الذي لازيغ فيه
ولا ميل عن الحق .وقوله تعالى :(فيها كتب قيِّمة ) أي مستقيمة تبين الحق من الباطل
ولو سلمنا أن معنى القيِّم هو ذو القيمة لما وجدنا فيه ما يدل على أقل تكريم أو تشريف
للشيء الذي يغالون فيه ، فكل شيء تقؤيبا ذو قيمة قلت أو كثرت ،
وإذا أريد تمييز شيء بالنفاسة لم يكف القول فيه أنه ذو قيمة بل وجب أن يقال :
ذو قيمة غالية أو غالي القيمة أو نفيسها أو ما شابه ذلك
هذا ووصف الشيء الغالي القيمة بالكريم شائع مستفيض في كلام العرب
وقد يطلق من كل شيء على أحسنه ، وقولٌ كريم ؛ أي سهل لين
ووجه كريم ؛ أي مُرْضٍ في حسنه وجماله ، وكتاب كريم أي في معانيه وجزالة لفظه وفوائده . وهكذا .
7- من الخطأ وصفنا للناقد الماهر في تقييم النصوص بقولنا قَدَّرَ النص حق قَدْرهِ
 فاستعمال الفعل المضعف المزيد خطأ في هذا المجال
والصواب :  استعمال الفعل المجرد
كما جاء في قوله تعالى في سورة الزمر :
وما قدروا الله حق قدره ، والأرض جميعا قبضته والسماوات مطويات بيمينه.
أي ؛ ما عظموه حق تعظيمه .
فلا نقول مثلا : للتنويه ببلاغة قصيدة ؛ إنها قصيدة عصماء
مؤنث أعصم لأن الأعصم من الظباء والوعول ما في ذراعيه أو في أحدهما بياض وسائره أسود أو أحمر ، وليس في هذا شيء يصح اتخاذه وصفا للقصيدة ؛
إلا إذا تأولنا شدة المبالغة في كونها مما يعز وجوده ، كالغراب الأصم مثلا .
ولكن نقول قصيدة جيدة  وممتازة ورائعة .

8- من الخطأ إطلاق كلمة ( مُدَان ) على منْ يحاكم ويحكم عليه . 

لأن الفعل ( أدان ) لم يستعمل عند العرب إلا بمعنى ( أخذ الديْن )أو ( إعطائه)
يقال : أدان الرجل ، أخذ دينا ، وأدانه أقرضه .
والصواب أن يقال : ( مدين ) من ( دانه ) أي حكم عليه وجزاه ، والفعل دان من الأفعال الواردة في معان متضادة في اللغة العربية نحو :
دانه وأدانه أي أقرضه إلى أجل فهو دائنٌ ومُدِين ، وذاك مَدِينٌ ومديون ومُدَانٌ
ويقال : دان الرجل وأدان استقرض فهو دائن ومَدِين .
أما ؛ تَدَيَّنَ ، وادَّانَ ، واستدان فبالمعنى الثاني ( الاسقراض )
9- نخطيء كثيرا عندما نصف شيئا بالبساطة والخلو من التكلف والزخزف بكلمة (  متواضع )
فيقولون ـ وأنا منهم أحيانا ـ قدمت فكرة متواضعة ، وهذا الكتاب غلافه متواضع ، وعرضت رأيا متواضعا ، وقصيدتك كالدرة وهذا تشبيه متواضع لها .
والمعروف في اللغة العربية أن التواضع ضد الكبرياء ، والمتواضع هو المتخشع غير المتكبر ، فكيف يصح أن يوصف به فكرة المرء، وغلاف كتاب ، ورأي الشخص؟!!
والصواب أن نقول : قدمت فكرتي الواضحة أو فكرة هادفة .
وغلاف بسيط ، بمعنى ليس معقدا ، وعرضت رأيا خاليا من أي تكلف ، وهكذا.
10-من الأخطاء أن نلجأ إلى ما اتخذته العامية قياسا خاطئا على الفصحى مثل ( شطحان)
 وطرشان وخيبان وصيعان إلخ
لأن استعمال النادر في اللغة من جموع (أفعل ) من أفعال الألوان والعيوب أو الأمراض والحُلي ، على وزن ( فعلان ) مثل :
عميان ، وعرجان ، وصَمَّان ، وسودان
جمعا : لأعمى ، وأعرج ، وأصم ، وأسود.........إلخ
من النادر الذي لايصح أن يقاس عليه
فنسمع مثلا من يقول :(ما لفلان هذا عامل طرشان )
أو بالعامية ( مِدِّيها الطرشه )
والقياس الصحيح الأكثر استعمالا في هذه الجموع:
على وزن ( فُُعَل) كعُمْي وعُرْج وصم وبكم وطرش ...إلخ
مما مذكره أفعل ومؤنثه فعلاء .
=====================

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )