بيدي لا بيد عمرو

مثل عربي شهيرهل تعرف مورد هذا المثل ؟!وما معنى مورد المثل ؟وفيم يضرب المثل ؟وما معنى مضرب المثل ؟
لكي تعرف هذه المعلومات بإيجاز ودون ملل أو إطالة مرهقة  فاقرأ ما أعرضه عليك في تواضع 
هذا المثل العربي القديم من الكلمات البليغة المعبرة عن الإرادة الذاتية 

قالتها الزباء ملكة الجزيرة  لعمرو بن عدي أمام قصير بن سعد اللخمي لجذيمة بن مالك بن نصر الذي يقال له جذيمة الأبرش، وجذيمة الوضاح ، وكان به (برص) يقول العرب عنه ( وضح )

ومرود المثل : يعني القصة الأصلية التي ذكر فيها القول المشهور الذي أطلق مثلا بعد ذلك على قصته ، ويقال بصيغة توقيفية أي ثابتة وهي ما تسمى الموردوكان جذيمة ملك على شاطئ الفرات وقد وتر ( الزباء ) ملكة الجزيرة بقتل أبيها ،فأحبت أن تغزو جذيمة، فكتبت إليه أنها لم تجد ملك النساء إلا قبحاً في السماع، وضعفاً في السلطان، وإنها لم تجد لملكها موضعاً، ولا لنفسها كفءً غيرك، فأقبل إلي لأجمع ملكي إلى ملكك، وأصل بلادي ببلادك، وتُقَلَّد أمري مع أمرك وكانت تريد الغدر به ، فجمع أهل الحجا والرأي من ثقاته واستشارهم في الأمر ،فاجتمع رأيهم على أن يسير إليها فيستولي على ملكها، وكان فيهم قصير، وكان أريباً حازماً أثيراً عند جذيمة، فخالفهم فيما أشاروا به وقال: رأي فاتر وغدرحاضر. فذهبت كلمته مثلاً.فلما سئلأ عن رأيه قال:الرأي أن تكتب إليها، فإن كانت صادقة في قولها فلتقبل إليك، وإلا لم تمكنها من نفسك، ولم تقع في حبالتها،وقد وترتها وقتلت أباها. فلم يوافق جذيمة ما أشار به. فقال قصير:إني امرؤ لا يميل العجز ترويتي= إذا أتت دون شيء مرة الـوذم  ودعا جذيمة عمر بن عدي ابن أخته فاستشاره فشجعه على المسير وقال: إن قومي مع الزباء، ولو قد رأوك صاروا معك. فأحب جذيمة مقاله، وعصى قصراً فقال قصير:لا يطاع لقصير أمر. فذهبت مثلاً.واستخلف جذيمة عمرو بن عدي على ملكه وسلطانه، وجعل عمرو بن عبد الجن معه على جنوده وخيوله، وسار جذيمة في وجوه أصحابه، فأخذ على شاطئ الفرات من الجانب الغربي ، فلما نزل دعا قصيراً فقال: ما الرأي يا قصير؟ فقال قصير: ببقة خلفت الرأي. فذهبت مثلاً. قال:وما ظنك بالزباء؟ قال: القول رداف، والحزم عثراته تخاف. فذهبت مثلاً.  واستقبله رسل الزباء بالهدايا والألطاف فقال: يا قصير، كيف ترى؟ قال: خطبيسير في خطب كبير. فذهبت مثلاً. وستلقاك الجيوش، فإن سارت أمامك فالمرأة صادقة. وإن أخذت جنبتيك وأحاطت بك من خلفك فالقوم غادرون بك، فاركب العصا فإنه لا يشق غباره. فذهبت مثلاً. وكانت العصا فرساً لجذيمة لا تجاري. وإني راكبها ومسايرك عليها.فلقيته الخيول والكتائب، فحالت بينه وبين العصا، فركبها قصير، ونظر إليه جذيمة على متن العصا مولياً. فقال: ويل أمه حزماً على متن العصا. فذهبت مثلاً. وجرت به إلى غروب الشمس ثم نفقت، وقد قطعت أرضاً بعيدة، فبنى عليها برجا يقال له برج العصا وقالت العرب: خير ما جاءت به العصا. فذهبت مثلاً. وسار جذيمة وقد أحاطت به الخيل حتى دخل على الزباء، فلما رأته تكشفت فإذا هي مضفورة الأسب فقالت: يا جذيمة، أدأب عروس ترى؟ فذهبت مثلاً. فقال جذيمة: بلغ المدى، وجف الثرى، وأمر غدر أرى. فذهبت مثلاً. ودعت بالسيف والنطع ثم قالت: إن دماء الملوك شفاء من الكلب.فأمرت بطست من ذهب، قد أعدته له، وسقته الخمر حتى سكر وأخذت الخمر منه مأخذها، وقدمت إليه الطست ،وكانت الملوك لا تقتل بضرب الأعناق إلا في القتال، تكرمة للملك، فلما ضعفت يداه سقطتا، فقطر من دمه في غير الطست فقالت: لا تضيعوا دم الملك. فقال جذيمة: دعوا ما ضيعه أهله. فذهبت مثلاً. فهلك جذيمة،وجعلت الزباء دمه في مرعى لها، وخرج قصير من الحي الذي هلكت العصا بين أظهرهم، حتى قدم على عمرو بن عدي، وهو بالحيرة فقال له قصير: أثائر أنت? قال: بل ثائر سائر. فذهبت مثلاً.ووافق قصير الناس، وقد اختلفوا، فصارت طائفة مع عمرو بن عدي اللخمي، وجماعة منهم مع عمر بن عبد الجن الجرمي،فاختلف بينهما قصير حتى أصطلحا، وإنقاد عمرو بن عبد الجن لعمرو بن عدي فقال قصير لعمرو بن عدي: تهيأ واستعد، ولا تبطن دم خالك. قال: وكيف لي بها وهي أمنع من عقاب الجو؟ فذهبت مثلاً. وكانت الزباء سألت كاهنة لها عن هلاكها فقالت: أرى هلاكك بسبب غلام مهين غير أمين، وهو عمرو بن عدي، ولن تموتي بيده ولكن حتفك بيدك ، فحذرت عمراً، واتخذت لها نفقاً من مجلسها الذي كانت تجلس فيه إلى حصن لها داخل مدينتها.وقالت: إن فجأني أمر دخلت النفق إلى حصني. ودعت رجلاً مصوراً من أجود أهل بلاده تصويراً، وأحسنهم عملاً، فجهزته وأحسنت إليه وقالت: سر حتى تقدم على عمرو بن عدي متنكراً فتخلو بحشمه، وتنضم إليهم، وتخالطهم، وتعلمهم ما عندك من العلم بالصور، ثم أثبت لي عمرو بن عدي معرفة، فصوره جالساً، وقائماً، وراكباً، ومتفضلاً، ومتسلحاً بهيئته ولبسته ولونه، فإذا أحكمت ذلك فأقبل إلي. فانطلق المصور حتى قدم على عمرو بن عدي، وصنع الذي أمرته الزباء،وبلغ من ذلك ما أوصته به، ثم رجع إلى الزباء بعلم ما وجهته له من الصورة على ما وصفت وأرادت أن تعرف عمرو بن عدي فلا تراه على حال إلا عرفته  وحذرته وعلمت علمه. فقال قصير لعمرو بن عدي: أجدع أنفي، واضرب ظهري ودعني وإياها. فقال عمرو: ما أنا بفاعل، وما أنت لذلك مستحقاً عندي. فقال قصير: خل عني إذن وخلاك ذم. فذهبت مثلاً.  فقال له عمرو: فأنت أبصر.فجدع قصير أنفه، وأثر آثاراً بظهره فقالت العرب: لمكر ما جدع قصير أنفه.وفي ذلك يقول المتلمس:وفي طلب الأوتار ما حز أنـفـه = قصير ورام الموت بالسيف بيهس ثم خرج قصير كأنه هارب، وأظهر أن عمراً فعل ذلك. وإنه زعم أنه مكر بخاله  جذيمة، وغره من الزباء. فسار قصير حتى قدم على الزباء ، فقيل لها أن قصيراً بالباب، فأمرت به، فأدخل عليها، فإذا أنفه قد جدع، وظهره قد ضرب فقالت: ما الذي أرى بك يا قصير? قال: زعم عمرو أني قد غررت خاله، وزينت له المصيرإليك، وغششته، ومالأتك، ففعل بي ما ترين، فأقبلت إليك وعرفت أني لا أكون مع أحد هو أثقل عليه منك. فأكرمته، وأصابت عنده من الحزم والرأي ما أرادت. فلما عرف أنها استرسلت إليه، ووثقت به قال: إن لي بالعراق أموالاً كثيرة، وطرائف، وثياباً، وعطراً، فابعثيني إلى العراق لأحمل مالي، وأحمل إليك منبزورها وطرائفها وثيابها وطيبها وتصيبين في ذلك أرباحاً عظاماً، وبعض ما  لا غنى للملوك عنه. وكان أكثر ما يطرفها من التمر الصرفان، وكان يعجبها. فلم يزل يزين ذلك، حتى أذنت له، ودفعت إليه أموالاً، وجهزت معه عبيداً. فسار قصير بما دفعت إليه، حتى قدم العراق، وأتى الحيرة متنكراً فدخل على عمرو فأخبره الخبر وقال: جهزني بصنوف البز والأمتعة، لعل الله يمكن من الزباء، فتصيب ثأرك، وتقتل عدوك، فأعطاه حاجته، فرجع بذلك إلى الزباء، فأعجبها ما رأت، وسرها وأزدادت به ثقة، وجهزته ثانية، فسار حتى قدم على عمرو فجهزه وعاد إليها. ثم عاد الثالثة وقال لعمرو: أجمع لي ثقات أصحابك، وهيئ الغرائر المسموح، واحمل كل رجلين على بعير في غرارتين، فإذا دخلوا مدينة الزباء أقمتك على باب نفقها، وخرجت الرجال من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة فمن قاتلهم قتلوه، وإن أقبلت الزباء تريد النفق جللتها بالسيف. ففعل عمرو ذلك، وحمل الرجال في الغرائر بالسلاح، وسار يكمن النهار ويسير الليل، فلما صار قريباً من مدينتها تقدم قصير فبشرها وأعلمها بما جاء به من المتاع والطرائف وقال لها: آأخر البز على القلوص. فأرسلها مثلاً. وسألها أن تخرج فتنظر إلى ما جاء به. وقال لها: جئت بما صاء وصمت. وذهبت مثلاً. ثم خرجت الزباء فأبصرت الإبل تكاد قوائمها تسوخ في الأرض من ثقل أحمالها، فقالت: يا قصير: ما للجمال مشيهـا وئيداً=أجندلا يحملن أم حديدا  أم صرفنا تارزا شديدا فقال قصير في نفسه: بل الرجال قبضاً قعوداً.فدخلت الإبل المدينة حتى كان أخرها بعيراً مر على بواب المدينة، وكان منخسة، فنخس بها الغرارة فأصابت خاصرة الرجل الذي فيها فضرط فقال البواب بالرومية:  شر في الجوالق. فأرسلها مثلاً. فلما توسطت الإبل المدينة أنيخت، ودل قصير عمرًا على باب النفق الذي كانت  الزباء تدخله، وأرته إياه قبل ذلك، وخرجت الرجال من الغرائر فصاحوا بأهل المدينة، ووضعوا فيهم السلاح، وقام عمرو على باب النفق؛ وأقبلت الزباء تريد النفق فأبصرت عمراً فعرفته بالصورة التي صورت لها، فنضت خاتمها، وكان فيه السم وقالت:( بيدي لا بيد عمرو ) فذهبت كلمتها مثلاً.وقصير يسمعها وتلقاها عمرو فجللها بالسيف، وقتلها، وأصاب ما أصاب من المدينة وأهلها، وإنكفأ راجعاً إلى العراق.

أما مضرب المثل : فهو الموقف المشابه الذي يقال فيه هذا المثل ، عندما يتخذ المرء قرارا خطيرا مهلكا بيده ، وأمامه أن يترك الأمر لمهلكهلكن عزة نفسه تأبى عليه ذلك .


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )