تحقيق قصة حديث منقطع

القصة : ( عن أنس بن مالك رضي الله عنه ؛ أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال :
يا أمير المؤمنين  عائذ بك من الظلم ... سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته ، فجعل يضربني بالسوط ويقول : أنا ابن الاكرمين
فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ، ويقدم بابنه معه فقَدِمَ
فقال عمر : أين المصري ؟ خذ السوط فاضرب ابن الأَلْيمَيْنِ ، قال أنس : فضرب فتمنينا أنه يرفع عنه ، ثم قال عمر للمصري : ضع على صلعة عمرو
فقال المصري  : يا أمير المؤمنين إنما الذي ضربني ابنه ، وقد اشتفيت منه فقال عمر لعمرو : مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا
قال : يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني
=============
هذه قصة واهية الضعف ومنكرة القبول عند المؤمن الحق :
أخرجها ابن عبد الحكم في كتابه ( فتوح مصر وأخبارها ) صفحة 290
سندها منقطع ومظلم :
فقد ورد في السند حُدِّثْنا  عن ( أبي عبدة ) عن ثابت البناني وحميد  بصيغة المبني للمجهول عن أنس ثم ذكر القصة
 وبهذا هو لم يعرف من الشيح الذي حمله على الرواية وأخذ عنه وهو ( أبي عبدة ) فأصبح السند مظاما بالجهالة
وبالبحث عند علماء الحديث الصحيح عمن روى عن ( ثابت البناني ) وجد في كتاب ( تهذيب الكمال ) أنهم يزيدون عن 104
لم يكن بينهم ( أبوعبدة ) ومن روى عن ( حميد ) عددهم 77 ولم يكن من بينهم ( أبو عبدة ) فأصبح السند منقطعا
ووجه الإنكار : أن قول عمر لعمرو رضي الله عنهما (ضع على صلعة عمرو )
مؤاخذة لعمرو بذنب ولده وقد علم عمر رضي الله عنه قول الله تعالى :( ولا تزر وازرة وزر أخرى ....) الإسراء 15
وقال ابن كثير في تفسيره :"( أي لايحمل أحد ذنب أحد ولا يجن جان إلا على نفسه )
وقال القرطبي :( أي لاتحمل حاملة ثقل أخرى ، أي لاتؤاخذ نفس بذنب غيرها ؛ بل كل نفس مأخوذة بجرمها ومعاقبة بإثمها )
======
ومما يؤسف له اشتهار تلك القصة بين الوعاظ والخطباء حتى قررتها وزارة التربية والتعليم على طلاب الثانوية العامة
عندما كانوا يدرسون كتاب عبقرية عمر للعقاد ولقد جاء تقديم العقاد للقصة بأن عمر رضي الله عنه قد يأخذ الوالي بوزر ولده أو ذوي قرابته
ثم يذكر راوي الحديث أنس بن مالك رضي الله عنه والقصة مفتقرة إلى منهج البحث العلمي في تأصيل الحديث الشريف
وهذا طعن في صحابة رسول الله  صلى الله عليه وسلم ورضوان الله عليهم جميعا

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )