دولة الأغالبة ( بحث تاريخي )

قيام دولة الأغالبة :

قبل الأغالبة كان الساحل الإفريقي ومنه مصر التي كانت تعتبر نهاية الرغبة بالنسبة للإسلام لما بها من حصون وقلاع للروم
ومن هنا لزم أن تفتح مصر تحصينا لامتيازات الشام ؛ فقد كانت آخر خط دفاعي ، وأراد المسلمون تأمينها فأخذوا برقة
وظنوا أن الصحارى ستكون حاجزا طبيعيا بينهم وبين الروم ، بيد أن الروم كانوا يحصنون فيها قواتهم 
فصدر الأمر باقتحام كل الشمال الإفريقي حتى يطمئن المسلمون وأسسوا مدينة القيروان  بتونس وسموا هذه القطعة ( إمارة إفريقية )
ثم استقلت المغرب ، وكذلك الجزائر ، وظلت برقة تابعة لمصر ، وما بعدها كان يسمى إفريقية 
انتشار الإسلام في إفريقية :
يرتبط انتشار الإسلام في طرابلس وشمال إفريقية بعمر بن عبد العزيز ، ويخلط الكثيرون من الناس ظنا منهم أن الإسلام ارتبط بالحروب وهذا خطأ فادح ينبغي التنبيه عليه ففي سنة 250 هجرية كان أغلب سكان مصر لا يزالون مسيحيين ، ولم يأتِ الإسلام 
إلى مصر كدين إلا في مرحلة  ضعف للإسلام وكان عن طريق العدوة إليه 
يقول الأستاذ عباس محمود العقاد عن ذلك :
يقولون إن الناس تعرضوا للسيف ليسلموا ؛ هكذا قال المستشرقون ..لا إنهم تعرضوا للسيف بإسلامهم )
والمعنى كما يقول العقاد أن إسلامهم كان سببا في إيذائهم من الروم وغيرهم بعد أن أسلموا بعقيدة ورضا 
إذن فالحرب كانت لأسباب أخرى 
وكانت تونس وطرابلس كدولة واحدة حتى مرحلة متأخرة من التاريخ؛ أما كلمة (ليبيا ) فهي جديدة في هذا الوقت على التاريخ
وجعل عمر بن عبد العزيز تقليدا خاصا ببيت المال في الدولة الإسلامية لأن موارد هذه البلاد كانت تجمع وينفق منها على أهل البلاد أنفسهم ثم يرسل الباقي الزائد لبيت المال العام في العاصمة 
وكان الخليفة يريد أن يطمئن إلى أن هذه الأموال حلالا وأن الجميع قد أخذوا حقوقهم منها أولا ؛ لأن البعض كان يريد الاستمرار في الولاية تحت إمرة الخلافة في العاصمة الإسلامية فيرسل أموالا كثيرة لإرضاء الخليفة 
واشترط الخليفة قبيل عهد عمر بن عبد العزيز على والي إفريقية إرسال عشرة شهود من أهل الولاية ليقسموا أمام الخليفة بأن  هذا ما تبقى من من الولاية بعد أخذ الجميع حقوقهم كاملة ، فأقسم ثمانية ولم يقسم اثنان منهم ، فرضي بهذين الرجلين  عمر بن العزيز وأسند
إليهما مهاما كبيرة لثقته بهما فعمل أحدهما وهو ( اسماعيل ) بنشر الإسلام وجبي الأموال بكل عدالة ، وساعده الخليفة عمر بن عبد العزيز بعشرة علماء من المسلمين في الدعوة إلى الإسلام
ثم انتشر بعد ذلك العهد الدم العربي في فترة الأغالبة حيث انتشر مذهب الإمام مالك عن طريق عالم يسمى ( سحنون ) وأعد الأغالبة أنفسهم كدولة وبنوا لهم عاصمة أطلقوا عليها ( العباسية ) وبدأ نشاطهم في الداخل والخارج 
فداخليا نهضت الحركة العمرانية في المباني لأنهم قلدوا كل أنواع الفنون التي كانت موجودة بالشام في ذلك الوقت كالمساجد والمنابر وغيرها ، واهتموا بالأمور الاقتصادية وربط إفريقية بما جاورها من البلاد الإسلامية ، فكانت دولتهم واسطة بين الشرق الإسلامي والغرب الإسلامي والأندلس ، وهذا الأمر جعل دولة الأغالبة في موطن تجاري ممتاز أعطاها أهمية بالغة 
وازداد انتشارالإسلام والدم العربي في عهدهم ، فقد خلطوا ألوانا من التزاوج بينهم (العرب ) وبين السكان الأصليين في إفريقية الشمالية ، وعمل الأغالبة على التطور بإفريقية فمهدت الطرق وأقيمت الأسواق التجارية وازادا الاهتمام بالعمل على الاستقرار الأمني في البلاد والقضاء على الفتن كما حدث مع ( بني رستم ) الذين كانوا من الخوارج ويعتبرون أعداء للعباسية عاصمة الدولة 
ثم بنيت مدينة ( رقادة ) وعمت النهضة العلمية والثقافية في حياة مستقرة فأصبحت منطقة غنية متماسكة ترتبط بما جاورها
وجاء النشاط الخارجي على غرار الداخلي :
فركز الأغالبة ببناء أنفسهم ليكونوا فوق الأطماع الأوربية وخاصة تلك التي ظهرت في صقلية ، فكون الأغالبة أسطولا بحريا عظيما كان له فضل كبير في التطور بإفريقية كلها 
============
قدمت هذا البحث للدكتور أحمد شلبي
 في  30 مارس 1964 م ( امتحان الليسانس في التاريخ الإسلامي )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )