زواج فاطمة الزهراء

فارس الإسلام  علي بن أبي طالب رضي الله عنه
جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : تزوجي فاطمة 
فأمهله عليه السلام حتى يستشيرها 
فدخل عليها فقال : أي بنية ... إن ابن عمي عليا قد خطبك فماذا تقولين ؟
( وكانت بنت ستة عشر عاما ) وقتها
فبكت ثم قالت : كأنك  يا أبتِ إنما ادخرتني لفقير قريش
-- مالك تبكين يا فاطمة ؟ فو الله لقد أنكحتك أكثرهم علما ، وأفضلهم حلما ، وأولهم سلما 
ما آليتُ إلا أن أزوجك  خير أهلي ، والذي بعثني بالحق ما تكلمت في هذا حتى أذن لي فيه من السماء
فقالت الزهراء : رضيت بما رضي الله ورسوله 
وتهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبشر 
وخرج إلى ربيبه وابن عمه وقال له : هل عندك من شيء ؟
قال : كلا 
-- وأين درعك الحطمية ؟ ( أي التي تحطم السيوف )
-- عندي
ودفع علي بالدرع إلى غلامه ليبيعها ، فانطلق بها إلى السوق ، وبينا هو يبيعها بأربعمائة درهم إذ رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه
فقال : هذه درع عليّ فارس الإسلام ، لايباع أبدا ، فدفع لغلام عليٍّ أربعمائة درهم ، وأقسم ألا يخبره بذلك ورد الدرع معه
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك رضي الله عنه : انطلق وادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير ، وبعدتهم من الأنصار ، فانطلق ودعاهم فلما جاءوا وأخذوا مجالسهم التفت عليه الصلاة والسلام  إلى عليّ بن أبي طالب وقال :
-- يا عليّ .. اخطب لنفسك 
فقام علي وقال : الحمد لله شكرا لأنعمه وأياديه ، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه ، وهذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني ابنته فاطمة على صداق مبلغه أربعمائة درهم ، فاسمعوا ما يقول واشهدوا .
قالوا : ما تقول يا رسول الله ؟
-- الحمد لله المحمود بنعمه ، المعبود بقدرته ، المطاع لسلطانه ، المهروب إليه من عذابه ، النافذ أمره في أرضه وسمائه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، ونورهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد ، (ص ) إن الله عز وجل جعل المصاهرة نسبا لاحقا ، وأمرا مفترضا وحكما عادلا وخيرا جامعا ، أوشج به الأرحام ، وألزمها الأنام فقال عز وجل : وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً (54) الفرقان
وأمرُ الله يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره ، ولكل أجل كتاب ، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ، ثم إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من عليّ وأشهدكم أنني زوجت فاطمة من عليّ على أربعمائة مثقال فضة ، إن رضيَ بذلك على السنة القائمة والفريضة الواجبة ، فجمع الله شملهما وبارك لهما وأطاب نسلهما وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ، ومعادن الحكمة ، وأمن الأمة ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم )
وخر عليُّ ساجدا لله  ، فلما رفع رأسه قال الرسول صلى الله عليه وسلم :بارك الله لكما وعليكما وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيب )
ثم أمر لأصحابه بطبقٍ فيه تمر فوضع بين أيديهم فقال :
انتهبوا ،
 وجهزت فاطمة رضي الله عنها ، وما كان لها من جهاز غير سرير مشروط ، ووسادة من أدم حشوها ليف ، ونورة من أدم ( إناء يغسل فيه )، وسقاء ومنخل ومنشفة وقدح ورحاءان وجرتان .
وجاءت ليلة الزفاف فأولم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها بكبش من عند سعد بن معاذ رضي الله عنه ، وآصعَ من ذرة من عند جماعة من الأنصار ، وقال لعليّ:
-- لا تحدث شيئا حتى تلقاني 
فجاءت بها أم أيمن حتى قعدت في جانب البيت وعلي في جانب آخر ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لفاطمة :
-- ائتني بماء فقامت تعثر في ثوبها من الحياء ، فأتته بقعبٍ فيه ماء فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لها :
-- تقدمي
فتقدمت يفوح منها عطرٌ طيبٌ فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا بأن يشتري طيبا بثلث الصداق ، فنضح بين ثدييها 
وعلى رأسها ، وقال : اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم
ثم قال ائتوني بماء فعلم عليٌّ الذي يريد فقام فملأ القعب فأتاه به فأخذه وصنع به كما صنع بفاطمة 
وفي اليوم الرابع دخل عليهما في غداة باردة وهما في قطيفة لهما إذا جعلاها بالطول انكشفت ظهورهما وإذا جعلاها بالعرض انكشفت رءوسهما ، فلما رأياه هَمّا بالنهوض فقال لهما :
-- كما أنتما 
وجلس عند رأسيهما ثم أدخل قدميه وساقيه بينهما فأخذ عليٌّ كرم الله وجهه ورضي الله عنه إحداهما فوضعها على صدره ، وبطنه، وأخذت فاطمة رضي الله عنها الأخرى فوضعتها كذلك ، وراح علي بن أبي طالب الذي لم يكن قد تجاوز الثانية والعشرين من عمره يُصْغي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلقى منه الحكمة ليقول ذات يوم :
-- لا يخافنَّ أحدٌ إلا ذنبَه ولا يرجونَّ إلا ربه ، ولا يستحي من لا يعلم أن يتعلم ، ولا من يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول :
-- الله أعلم ، ما أبردها على الكبد إذا سئلت عما لا أعلم أن أقول : الله أعلم 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )