الحمد لله والشكر لله نعمة وعبادة ( 2 )
إن الله المستحق للحمد والشكر والعبادة وحده دون سواه ، عظمت نعمه على خلقه فمنها ( النعم الظاهرة والخفية ) نعمٌ كثيرة تراها ملموسة مادية تدركها عين المبصر من الناس والخلق ، وأخرى نعمٌ معنوية روحية تشعر بها القلوب المؤمنة ذات البصيرة والفطرة التي خلق الله الناس عليها ، فالمال نعمة والولد نعمة والصحة نعمة والرزق نعمة كما أن الرضا بما قسم الله تعالى للإنسان نعمة روحية وإيمانية ، والهداية للحمد والشكر كذلك نعمة ، وأفضل نعمة روحية تكرم الله بها على عبادة هي الانقياد والطاعة والاستسلام له سبحانه وتعالى وهي نعمة الإسلام .
ويقول عز وجل: فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا
طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [النحل: 114
و من أسماء الله
تعالى وصفاته ( الشكور )
قال تعالى عن نفسه: (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ
مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 30] ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ
عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) فاطر: 34)
يشكر القليل من العمل ، ويغفر الكثير من الخطأ ، يشكر الشاكرين ، ويضاعف للمخلصين ،ويذكر من ذكره بمغفرته
ورضوانه ،في القول والعمل .
وعدم الشكر يؤدي
إلى الكفر! بل
إن الله تعالى جعل للإنسان طريقين: الشكر والكفر، يقول تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا
وَإِمَّا كَفُورًا) [الإنسان: 3]. وهكذا ندرك أن الشكر فريضة على
المسلم وعبادة لله، وليس مجرد عادة ولذلك قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ
لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم:7
والمؤمن يتذكر ؛ قصة ذلك الرجل الذي وجد في
الصحراء كلباً يلهث يأكل الثرى من العطش فذهب إلى البئر ونزع خفّه فملأها ماءً حتى
روي الكلب، قال النبي صلى الله عليه وسلم:)فشكر الله له فغفر له[البخاري ومسلم
وفي رواية البخاري ومسلم أن رجلاً وجد
"غصن شوكٍ" يؤذي النبات فنزعه ؛فشكر الله له، فغفر له!
والشكر في السراء
مقترنٌ بالصبر على الضراء :
وكان سيدنا إبراهيم عليه السلام قد عظم صبره ،
قال الله تعالى له في محنته : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)
الأحقاف/ 35 ، فهو من أولي العزم من الرسل ، وهم المذكورون في
قوله تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ
أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) الشورى/13 .( إنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ
شَكُورٍ) (الشورى:آية 33
وهذا يتفق مع حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم (عجبا لأمر المؤمن ؛إن أمره كله خير إن أصابته سراء
شكرَ فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.)
وآخر دعوة للمؤمنين
يوم القيامة هي الحمد والشكر لله تعالى: (
( دَعْوَاهُمْ
فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ
دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [يونس: 10
====
ونواصل الحديث عن الحمد والشكر في المساهمة التالية
إن شاء الله
تعليقات