محاضرة عن الخط العربي
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
( ن ) والقلم وما يسطرون ، ما أنت بنعمة ربك بمجنون )
بسم الله الرحمن الرحيم
قدمتُ هذه المحاضرة في أحد برامج تدريب المعلمين أثناء خدمتي بالوزارة كموجه عام للغة العربية :
الخط وثيق الصلة بالحياة العامة .
فهو من وسائل التفاهم , لأنه نوع من التعبير التي تخدم أغراض التواصل بين الناس.
ومما اختص الله سبحانه وتعالى نفسه : خلق أربعة أشياء بيده وهي :(خلق آدم ) و(القلم) و(العرش) و(جنات عدن).
والقلم : أداة الكتابة أقسم به الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم فقال :
(ن والقلم وما يسطرون ...)
وجعل أول من خط بالقلم من أنبيائه المرسلين ( إدريس عليه السلام).
ولتحسين الخط وتجويده أصول وقواعد ينبغي العمل بها :
جاء في أحاديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في نصحه لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما كان يكتب لرسول الله عليه الصلاة والسلام قوله :
( ألِقْ الدواة , وحرِّفْ القلمَ , وانصبْ الباء , وفرِّقْ السِّين , و لا تُعْوِر الميم , و جَوِّدْ الله , و مُــدّ الرحمن , وحسِّنْ الرحيم .)
ولأهمية تجويد الخط عند الكتابة يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
( من وُهِبَ له العقل في نفسه والبلاغة في لسانه والخط في يده والسَّمْت في هيئته والحلاوة في شمائله , فقد انتظمت له المحاسن نظما , ونثرت عليه الفضائل نثرا , وبقي عليه الشكر دوما .)
وإذا كان الخط قبيحا مجته الأفهام , ولفظته العيون , وسئمه قارئُه , ولو كان فيه من الحكمة عجائبها , ومن الألفاظ روائعها
وإذا كان الخط حسنا هشت إليه النفوس واشتهته الأرواح حتى إن الإنسان ليقرأه وإن كان فيه شيء دنيء ومعنى رديء , مستزيدا منه ولو كثر من غير سآمة تلحقه و لاملل يدركه .
وينصح على بي أبي طالب رضي الله عنه الكاتبين بالخط العربي قائلا :
(عليكم بحسن الخط , فإنه من مفاتيح الرزق .)
الخط لسان اليد , ورسول بهجة الضمير , وسفير العقول , ووحي الفكرة , وسلاح المعرفة , وناقل الخير , وحافظ الأثر .
ومن أقوال إقليدس عن الخط عموما الخط هندسة روحانية وإن ظهرت بآلة جسمانية , وهو يزيد الحق وضوحا .)
وإذا كانت وسيلة التفاهم الشفهية هي الكلام أو الأصوات تزدان بحسن الأداء وجودة الفصاحة والإلقاء , فإن الوسيلة اليدوية وهي الخط ينبغي أن تزدان بمثل ذلك من الجودة
وحسن العرض , وجمال الشكل .
والخط العربي إلى جانب أنه وسيلة للتعبير فهو أيضا فن جميل , وفلسفة يدل على روح العصر وتطوره , والخط هندسة , وهو علم ينبغي أن ينفرد له مادة مستقلة به في التعليم .
والخط كالرسم له أصوله ومقاييسه , والنسب المحدودة المتعادلة بين أجزائه وحروفه
المستقيمة والمنحنية , والهابطة تحت السطر أو فوقه , ولكل جزء وضعه وشكله واتجاهه .
فإذا وضحنا لطلاب العلم والمعرفة به ذلك استطاعوا أن يدركوا أهميته وأهمية الأوضاع الشكلية للخط العربي وحروفه وكلماته ، فتمكنوا من الاستعانة بهذا التوضيح على الكتابة الصحيحة الحسنة المجودة كوسيلة تعبير عما يريدون توصيله إلى الآخرين .
ونهدف بتعليم فن الخط العربي وتجويده للطلاب إلى التدرب على الإدراك البصري لما نريد أن نكتبه , بالنظر إلى النماذج التي يكتبها المعلم ( الخطاط ) الدارس لأصول الخط
ويدرك شكلها ببصره ويطبعه في حاسته ثم ينقل هذا الأثر إلى المراكز العصبية الخاصة بالكتابة ثم إلى الأصابع وبعدها محاولة إبراز هذا الأثر إبرازا عضليا مع التمرين لاكتساب المهارة في يسر وسرعة مناسبة .
كذلك نهدف بتعليم الخط تكوين عادات خلقية كالنظام وحسن الترتيب والنظافة والصبر والمثابرة لتحقيق الهدف والهدوء والأناة .
وإكتساب تنمية القدرة على النقد للأخطاء الكتابية بتربية الانتباه ودقة الملاحظة
والتدريب على التذوق الفني بعد معرفة عناصر الجمال في الخط العربي وأنواعه
واكتساب المتعة الذاتية من حسن الأداء الجيد والارتياح النفسي من التقدم في التدريب
عرض النماذج الخطية لأنواع الخط العربي وفن الخط الهندسي الجمالي , ولقد افتتح
في أبي ظبي بالإمارات العربية المتحدة معرض لتقديم نسخة من القرآن الكريم مخطوطة
، وتعتبر تلك النسخة من المصحف الذي كتبه محمد بن الملقب من أجمل وأقدم ما خُطَّ من المصاحف الكريمة في العصر الصفوي , وكان هذا المصحف بحوزة سفير روسيا القيصرية لدى الدولة العثمانية , ثم انتقل إلى أوربا حيث حصل عليه (السير الفريد تشرييني) عام 1920 , وأودعه مكتبته الشهيرة في (دبلن) بايرلندا . ولا يزال هذا المصحف محفوظا هناك .
وقد تحدث شعراء العرب عن فن الخط العربي في أشعارهم ؛
وتلك بعض الأبيات التي توضح أهمية وجمال الخط العربي :
قال أحدهم :
لا تحسبَّنَ سوادَ اللَّحْظِ من خطأٍ = من الطبيعة أو جاءت به غلطا
وإنما قلم التصوير حين بـــــدا = بنون حاجبه في خده نقـــــطا
وقول الآخر :
له فم يمنعه ضيقه = أن يخرج اللفظ بتقويم
ولفظه سكران من ريقه = فهو لهذا غير مفعوم
ما فمه ميمٌ ولكنه = علامة الجزم على الميم
ويقول شاعر آخر :
لا تقل لي : لا فمكتوب على = وجهك المشرق نورا نعم
بحروف صُوِّرَتْ من قدْرَةٍ = ما جرى قط عليها قلم
نونها الحاجب , والعين بها = طرفك الفنَّان والميم فَم
ونؤكد أن عملية تعلم الخط أو أي معرفة أخرى تنجح بالرغبة فيها
فإن الإنسان يتعلم 10% مما يقرأ
ويتعلم 20% مما يسمع
ويتعلم 50% مما يقوله
ويتعلم 90 % مما يقوله ويفعله في آن واحد .
كتابة الخط العربي تحتاج إلى أدوات خاصة ..
ترى ما هي؟
القلم:ليس قلم أزرق أو قلم رصاص ، أنه قلم خاص يصنع عادةً من القصب ، ويكب في صحيفة تسمى المقطع ، ويختلف طوله حسب الاستخدام، وله أسماء عدة منها الطومار ، الجليل والمحقق.
السكين أو المدية: تستخدم لبري القلم وتصنع من المعدن ،أو الفولاز ، وتحوي في داخلها على مدية أصغر لشق السن.
المداد أو المحابر: من المؤكد إنك لن تستطيع تجريب مواهبك الفنية الكتابية بدون حبر، والمحبرة تصنع عادةً من الزجاج ، أو الخزف .
أما الحبر فله أنواع كثيرة تختلف باختلاف أنواع الورق، وقد برع العرب في صناعة الحبر حتى استطاعوا اختراع حبر مقاوم لعوامل الزمن.
صندوق المحبرة: وهو عبارة عن صندوق مستدير يصنع من خشب الأبنوس أو غيره لتثبيت المحبرة في القاعدة.
انتظر قبل أن تكتب أو تقلد رسم أي خط ..
يجب أن تعرف أنواع الخطوط العربية ولكن هل تعتقد أن هذه الخطوط هي رسوم وخربشات من الخيال؟
للخطوط العربية أنواع كثيرة ولكن يوجد ما هو مشهور ومستخدم أكثر من غيره لسهولة قراءته ورسمه.من هذه الخطوط:
الخط الكوفي : من أجود أنواع الخط شكلاً ومنظراً و تنسيقاً ، ظهر في الكوفة بتوجيه وتطوير من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
خط الرقعة: هو خط عربي سهل ، يتميز بالسرعة في كتابته، يجمع في حروفه بين القوة والجمال في آن واحد ،لا يهتم بتشكيله إلا في الحدود الضيقة باستثناء الآيات القرآنية ، وهو من الخطوط المعتادة التي تكتب في معظم الدول العربية.
خط النسخ: وضع قواعده الوزير ابن مقلة ، أطلق عليها اسم النسخ لكثرة استعماله في نسخ الكتب ونقلها ، لسهولة رسمه ، يتميز بإيضاح الحروف وإظهار جمالها وروعتها .
ابدأ بتجربة هذا الخط إن أردت، يبدو أنه سهل.
خط الثلث: من أروع الخطوط العربية منظراً وجمالاً وأصعبها كتابةً وإتقاناً ، يمتاز عن غيره بكثرة المرومة إذ تتعدد أشكال معظم الحروف فيه ، ويمكن كتابة جملة واحدة عدة مرات بأشكال مختلفة .
ويقل استعمال هذا النوع في المصاحف ، ويقتصر استعماله في كتابة العناوين وبعض الآيات والجمل لصعوبة كتابته ، بالفعل يبدو أن رسم هذا الخط صعب..
الخط الفارسي: وهو من أجمل الخطوط له طابعه الخاص الذي يتميز به عن غيره ، يتميز بالرشاقة في حروفه، وتزيد من جماله الخطوط اللينة والمدورة ، وقد يعمد الخطاط في استعماله إلى الزخرفة للوصول إلى القوة في التعبير ، فقد يربط الفنان بين حروف الكلمة الواحدة و الكلمتين ليصل إلى تأليف إطار أو خطوط منحنية وملتفة تظهر فيها عبقريته في الخيال والإبداع.
الخط الديواني : هو الخط الرسمي الذي كان يستخدمه كتاب الدواوين ، وتوجد في كتابته مذاهب كثيرة ، ويكتب على سطر واحد ، ويمتاز بمرونة كتابة حروفه.هذه هي بعض أنواع الخطوط وأشكالها ، أرجو أن يكون هذا المقال بداية لحماسك في تعلم الخط العربي..
إن شعرت أنك أحببت هذا المقال وقرأته باهتمام؛ فحاول أن تجرب نفسك ، فربما تكتشف في داخلك هواية جديدة، وإبداعا لم تكن تعرفه عن نفسك من قبل والله يوفقك.
====
مع تحياتي
تعليقات