وقفات مع الذكريات / أحداث وتاريخ

قصاصة من ذكرياتي يوم 8 يناير 1965م في جولة بحديقة الأورمان بالجيزة في بداية الشارع المتجه لجامعة القاهرة لمراجعة كتاب فلسفة للدكتور أبو ريان أستاذ الفلسفة الإسلامية والمقرر علينا في كلية دار العلوم هذا العام ، توجهت مع زميليَّ بالكلية الصديق الشرقاوي عزت سالم والصديق سليمان عبد القادر واخترنا هذا المكان بعد صلاة الجمعة من نفس اليوم وكان رأي الصديق سليمان أن نذهب لحديقة الحيوان القريبة من حديقة الأورمان على الجانب الأخر من الشارع ، ولكن رأي واحد لا يكسب أمام اتفاقي مع الأخ عزت سالم أن الأنسب والأهدأ للمذاكرة والمراجعة هي حديقة الأورمان خاصة وأن حديقة الحيوان يوم الجمعة تكون أكثر ازدحاما من أي وقت طول الأسبوع ولا نستطيع مناقشة محاضرات الفلسفة فيها . وكنت أرغب في طلب خاص من صديقي الشرقاوي وظننت أن سليمان سيصر على رأيه بدخول حديقة الحيوان ،لكنه اقتنع بكلام صديقنا عزت سالم وعدل عن رأيه وجاء معنا ،وبعد جولتنا التي استمرت حتى قبيل المغرب بعد أن صلينا العصر بحديقة الأورمان انتهزت فرصة توجه سليمان لدورة المياه وطلبت من عزت مبلغ خمسة جنيهات كقرض لأسدد به رسوم شهر يناير للمدينة الجامعية لأن مصروف الشهر تأخر إرساله من الوالد في الدلنجات في بلدتنا اليوسفية وكنت في حرج كبير وضيق ووعدته بمجرد وصول المصروف سأرد إليه نقوده .وضحك عزت وقال لي لا داع للقلق الحمد لله معي ما يكفي لنسدد رسوم المدينة ونصرف طوال الشهر إن شاء الله فشكرته ولم يمر غير يوم الأحد حتى وصلت رسالة والدي ومعها مصروف الشهر ورددت لصاحبي نقوده ،وحضرنا يوم الاثنين 11يناير المهرجان الشعري بالكلية وعدنا معا إلى مدينة الطلبة وهي بين السرايات بالدقي وكان المطر غزيرا حتى إن الكهرباء انقطعت في الإفطار في مطعم المدينة وفي السحور وهي ظاهرة كانت تتكرر كثيرا في الشتاء ، وفي اليوم التالي حضرت مع صديقي عزت حفلا بالجمنيزيم بالمدينة الجامعية وعدنا إلى حجرتينا في مبنى السكن لننتظر الصباح للذهاب للكلية بالسيدة زينب عن طريق الأوتوبيس بالاشتراكات الشهرية وقيمة الاشتراك خمسة جنيهات شهريا . كان الجنيه بثلاثة دولارات تقريبا في ذلك الوقت !!