من دروس الهجرة النبوية وأحكامها

للهجرة النبوية الشريفة تاريخ يعتز به كل مسلم منذ بدء البعثة وحتى انتشر الإسلام في بقاع العالم في كل مكان مع استمرار عطر الهجرة النبوية التي أشرقت بتوجه النبي محمد وصاحبه أبي بكر الصديق من مكة إلى المدينة المنورة ( يثرب ) وبدأ المؤاخاة بين الأوس والخزرج وبين المهاجرين والأنصار وحتى عودة المسلمون بقيادة نبيهم صلى الله عليه وسلم لفتح مكة بسلام ودخول الناس أفواجا في دين الله بعد أن عفا الرسول صلى الله عليه وسلم على من أخرجه وأصحابه الذين اتبعوه من بيوتهم وبلدهم الحرام لشدة عنادهم ومحاربتهم للدعوة إلى الإسلام . وللهجرة بعد الفتح أحكام شرعية متعددة لمن يريد أن يحقق نصر الدين إلى يوم القيامة نصرة لدعوته صلى الله عليه وسلم كما ذكر القرآن الكريم في الآية 40 من سورة التوبة حيث قال سبحانه وتعالى فيها :( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ...). وقد قرأت في كتاب وقفات مع ذكرى الهجرة تأليف الدكتور عبد الرحمن البر : حكم الهجرة والإقامة في بلاد غير إسلامية أختصره لكم في فكرة موجزة أرجو أن تكون مفيدة لمن يقوم بمثلها وما واجبه في هذه الحالة : من هاجر إلى بلد غير إسلامية يُمنعُ فيها من ممارسة دينه الإسلامي اتباعا لمنهج الحق الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسالم كخاتم لجميع الأنبياء والمرسلين ومتمم لرسالاتهم السماوية الصحيحة التي لم تحرف أو تغير أو ينكر فيها الاعتراف بقدوم رسول لجميع الناس إلى يوم القيامة بذكر اسمه أو الإشارة إلى صفاته في القرآن الكريم وفي الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل وهذا المهاجر يُجْبَرُ على الرِّدَةِ عن الإسلام فأنه لا يحل له المقام بهذه البلاد لغير ضرورة مشروعة ، أما البلاد التي لا تمنع الإسلام ولا تمنع المسلمين فيها من ممارسة عبادتهم ولإقامة شعائر دينهم ولا تلزمهم بالتخلي عن إسلامهم وإيمانهم فلا بأس بالإقامة في تلك البلاد خصوصا المتمسكين بدينهم ولا ينزلقون في الفتنة عنه ويجتهدون في تربية أجيالهم الناشئة على دينهم الحق وبخاصة أن المواثيق الدولية في معظم بلاد العالم قد صدقت على تلك المواثيق في أمريكا وأوروبا واليابان وغيرها من خلال الجاليات الإسلامية في تلك البلاد وتدعيمها وتوجيهها ليكون لها دور قوي في التقارب الإنساني بين دول العالم وفي نشر القيم الفاضلة النبيلة التي تكاد العولمة الحديثة أن تعصف بتلك المواثيق التي تحمل رسالة الخير والنور والسلام العالمي وإظهار الوجه المشرق للإسلام مما يدعو الآخرين للدخول في دين الله أفواجا بالإقناع والرغبة بدون إجبار أو إكراه أو عنف لتتمثل فيهم صفات مكارم الأخلاق التي وصف القرآن بها محمدا صلى الله عليه وسلم : وإنك لعلى خلق عظيم ، والتي حدد بها رسولنا عليه الصلاة والسلام منهج دعوته قائلا : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . وهذا درس مفيد أن يعلِّمَهُ المسلمون لغيرهم في البلاد التي يهاجرون إليها لأغراض مشروعة كطلب العلم والسعي على الرزق الحلال والعيش الأفضل في ظل الإخوة الإنسانية بين شعون العالم كله .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

تصريف الأفعال في اللغة الفارسية

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )