التاسع و العشرون نظرت فاطمة في المرآة الصغيرة المعلقة في المطبخ الصغير ذي الباب الأصفر العجيب. كانت آخر مرة مسكَتْها عندما طلب منها سي الطاهر أن تناوله إيّاها من أسبوعين ، فهو يستعملها للحلاقة و لا تذكُر أنّ أهل الدار يستعملونها لأيّ شيء آخر. نظرت فيها لتتأمل تقاسيم وجهها و ابتسمت، فقد تفطنت إلى جمال لم تره من قبل، و أنزلت المرآة قليلا حتى تتمكن من رؤية باقي جسدها. احمرّ وجهها و هي ترى أنها نضجت و أنها أصبحت تشبه قليلا الخالة غالية إلا أن فاطمة كانت ممتلئة و نضِرة. "الوسيم البطل"..همستْ لنفسها: هل تراه يذكرها؟ هل تراه نظر إليها و هو يأخذ منها الرسالة؟ هي لا تذكر, فقد كان تبادل الرسالة و العودة إلى القرية سريعا. "أعيدي المرآة مكانها قد تكسرينها". قالت الخالة غالية و هي تحمل خبز الفرن الساخن الذي أعدته لِلتّو, لتضعه على المائدة. ارتبكت فاطمة و علّقت المرآة في الركن المخصص لها. وضعت القدر الصغير و صحنا على المائدة و حملتها إلى الغرفة الوحيدة التي تجمّع فيها الأطفال لطعام العشاء. لم تكن فاطمة ملهوفة كعادتها على الأكل. فقد كانت شاردة صامتة منقبضة الصدر. انتبهت غالية لذ