صِفَةُ سَــدِّ يأجوج و مأجوج لابن خردا ذابة

السَّدُّ الذي بناه ذو القرنين ، يقول الكاتب :
قراءة في كتاب ( المسالك والممالك ) يوم 9 أكتوبر 1974م
دعا الخليفة الواثق بالله العباسي سلاَّمَ الترجمان ؛ ـ وكان يتكلمُ بثلاثين لسانا ـ وقال له : أريد أن تخرج إلى السَّدِّ حتى تعاينهُ ، وتجيئني بخبره ، وضَمَّ إليَّ خمسين رجلا شبابا أقوياءَ ، ووصلني بخمسةِ آلاف دينارٍ ، وأعطاني دِيَّتِي عشرة آلاف درهم ، وأمر فأعطى كل رجلٍ من الخمسين ( ألف درهم ورزقَ سنةٍ ، ثم أمر أنْ يُهَيَأَ ( اللبابيد ) وتغَشَّى بالأدم واستعمل لهم الاستبانات بالفراء والركب الخشب ، وأعطاني مائتي بغل لحمل الزاد والماء ، فشخصنا من ( سُرَّ مَنْ رأى ) بكتاب الواثق بالله إلى إسحق بن إسماعيل صاحب ( أرمينية ) . وبعدُ .... انتهينا إلى أرضٍ سوداء مُنْتِنَةِ الرائحة ، وكنا قد تزودنا قبل دخولها خَلاًّ نَشُمَّه من الرائحة المنكرة فسرنا فيها عشرة أيام ثم صِرنا إلى مُدُنٍ خراب فسرنا فيها عشرين يوما فسألنا عن حال تلك المدن فَخُبِّرنا أنها المدن التي كان يأجوج ومأجوج يتطوفونها فخربوها ثم صرنا إلى حصون بالقرب من الجبل الذي في شعبةٍ منه السَّد ، وفيها قوم يتكلمون العربية والفارسية مسلمون يقرأون القرآن ؛لهم كتاتيب ومساجد ، ثم صرنا إلى مدينة يقال لها ( أيكة ) تربيعها عشرة فراسخ ولها أبواب حديد وفيها مزارع وأرجاء داخل المدينة ، وهي التي كان ينزلها ذو القرنين بعسكره بينها وبين السَّد مسيرة ثلاثة أيام ، وهو جبلٌ مستدير ذكروا أن يأجوج ومأجوج فيه وهما صنفان ؛ جبلٌ يأجوج أطول أحدهم ما بين ذراع إلى ذراع ونصف ، ثم صرنا إلى جبلٍ عالٍ عليه حصن ، والسد الذي بناه ذو القرنين هو فتحٌ بين جبلين عرضهُ مائة ذراع ، وهو الذي يخرجون منه وحفر أساسه ثلاثين ذراعا إلى أسفل ، وبناه بالحديد والنحاس حتى ساقه إلى وجه الأرض ثم رفع عضادتين مما يلي الجبل من جبني الفتح عرض كل عضادة خمسٌ وعشرون ذراعا في سُمكِ خمسين ذراعا ، الظاهر من تحتهما عشرة أذرع خارج الباب وكله بناه بلين من الحديد مغيب في نحاس تكون اللبنة ذراعا ونصف في ذراعٍ ونصف في سُمك أربع بوصات ودروند حديد طرفاه على العضادتين طوله مائة وعشرون ذراعا قد رُكِّبَ على العضادتين على كل واحدة بمقدار عشرة أذرع في عرض خمسة أذرع ، وفوق الدروند بناء بذلك اللبن من الحديد والنحاس إلى رأس الجبل وارتفاعه مدَّ البصر ، يكون البناء فوقه نحوا من ستين ذراعا فيها شرف من الحديد في طرف كل شرفة قرنتان تنثني كل واحدة منهما على الأخرى طول كل شرفة خمسة أذرع في عرض أربع أذرع ، وعليه سبع وثلاثون شرفة ، وإذا بباب حديد بمصراعين معلقين عرض كل مصراع خمسون ذراعا في ارتفاع خمس وسبعين ذراعا وثخن خمس أذرع ، وقائمتان في دوَّارة على قدر الدرو
ند لا يدخل من الباب ولا من الجبل وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ باع في الاستدارة والقفل لا يحتضنه رجلان وارتفاع القفل من الأرض خمس وعشرون ذراعا ، وفوق القفل بقدر خمس أذرعٍ غلق طوله أكثر من طول القفل وقفيزاه كل واحد منهما ذراعان ، وعلى الغلق مفتاح معلق طوله ذراع ونصف وله اثنتي عشرة دندانكه كل واحدة في صفة دستح الهواوين ( يد الهاون ) واستدارة المفتاح أربعة أشبار ،معلق في سلسلة ملحومة بالباب طولها ثماني أذرع في استدارة أربعة أشبار ، والحلقة التي فيها السلسلة مثل حلقة المنجنيق ، وعتبة الباب عرضها عشرة أذرع في بسط مائة ذراع سوى ما تحت العضادتين والظاهر منها خمسة أذرع سوداء ، وعلى الباب حصنان يكون كل واحد منهما مائتي ذراع في مائتي ذراع وعلى باب هذين الحصنين شجرتان وبين الحصنين عينٌ عذبة ، وفي أحدهما آلة البناء التي بُنِيَ بها السد من القدور والحديد والمغارف الحديد على كل ديكدان : وعلى فرد مصراع الباب الأيمن أعلاه مكتوب بالحديد باللسان الأول : ( فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء ، وكان وعد ربي حقا ) صدق الله العظيم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )