زواج الزهراء بعلي رضي الله عنهما
الحمد لله ، والشكر لله ، وبعد حمد الله وشكره فإن أمر الله يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره ، ولكل أجل كتاب ، يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ....ثمَّ إن الله تعالى أمرني أنْ أُزَوِّجَ فاطمةَ من عليٍّ وأشهدكم أنني زوجت فاطمة من عليٍّ على أربعمائة مثقال فضةٍ إنْ رضيَ بذلك على السُّنة القائمة ، والفريضة الواجبة ؛ فجمع الله شملهما وبارك لهما وأطابَ نسلهما ، وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ، ومعادن الحكمة ، وأمنَ الدولة ..
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، وخَرَّ ساجدا شكرا لله ، فلما رفع رأسه قال صلى الله عليه وسلم : بارك الله لكما ، وعليكما وأسعد جدكما ، وأخرج منكما الكثير الطيب ، ثم أمر لأصحابه بطبقٍ فيه تمرٌ فوُضِعَ بين أيديهم فقال : انتهبوا ؛ وجهزتْ الزهراء ، وما كان لها من جهاز غيرَ سرير مشروط ، ووسادة من أُدم حشوها ليفا ، ونورة من أدم ( إناء يغسل فيه ) ، وسِقاء ، ومُنخل ، ومِنْشَفَةٍ ، وقدح ، ورحاءان ، وجرَّتان .
وجاءت ليلة الزفاف فأوْلَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها بكبشٍ من عند سعد بن معاذ ، وأصع من ذُرة من عند جماعة من الأنصار ، وقال لعليّ : لا تحدث شيئا حتى تلقاني ، فجاءت أم أيمن حتى قعدت في جانب البيت ، وعليٌّ في جابن آخر ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لفاطمة : ائتني بماء ، فقامت تعَثَّرُ في ثوبها من الحياء فأتتهُ بقعبٍ فيه ماء ؛فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لها تقدمي ؛ فتقدمت يفوحُ منها عطر طيب فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا بأن يشتري طيبا بثلث الصَّداق ، فنضح بين ثدييها وعلى رأسها وقال : اللهم إني أعيذها بكَ وذريتها من الشيطان الرجيم . ثم قال : ائتوني بماء ؛ فَعَلِمَ عليُّ الذي يريد فقام فملأَ العقب فأتاه به ، فأخذه وصنع به كما صنع بفاطمة ، ودعا له بما دعا لها به ثم قال : اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في شملهما وتلا المعوذتين ثم قال : ادخُلْ بأهلِكَ باسم الله والبركة .
ومكث صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام لا يدخل على فاطمة ، وفي اليوم الرابع دخل عليهما في غداةٍ باردة وهما في قطيفة لهما إذا جعلاها بالطُولِ انكشفت ظهورهما ، وإذا جعلاها بالعرض انكشفت رؤوسهما ، فلما رأياهُ هَمَّا بالنهوض فقال لهما : كما أنتما ، وجلس عند رأسيهما ثم أدخل قدميه وساقيه بينهما فأخذ عليٌّ كرم الله وجهه إحداهما فوضعها على صدره وبطنه ليدفئها ، و أخذت فاطمة رضي الله عنها الأخرى فوضعتها كذلك ، وراح عليّ بن أبي طالب الذي لم يكن قد تجاوز الثانية والعشرين من عمره يُصْغِي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلقى منه الحكمة ليقول ذات يوم : لا يَخَافَنَّ أحدٌ إلا ذنبهُ ، ولا يرجونَّ إلا رَبَّه ، ولا يستحي مَنْ لا يعلم أن يتعلم ، ولا من يعلم إذا سئلَ عما لا يعلم أن يقول : الله أعلم ، وما أبردها على الكبد إذا سُئِلْتُ عما لا أعلم أن أقول : لا أعلم .
تعليقات