من إرهاصات وبشائر مولد النبي وبعثته (ص)
ولد الهدى فالكائنات ضياء = وفم الزمان تبسمٌ وثناءُ
لكل أمر من الأمور الغيبية مقدمات من الخالق سبحانه وتعالى يريد أن يبلغه لعباده في الأرض ، ولما كان مولده صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء
والرسل من السماء إلى الأرض من الأمور التبشيرية من الله العلي القدير ، فقد كان لها إرهاصات وتباشير وعلامات عرفها كثير من العالمين بالرسالات السابقة من كتب السماء المرسلة من الله لهداية الناس من رسلهم وأنبيائهم الذين بعثوا بالرسالة قبل بعثة محمد عليه وسلم الصلاة والسلام برسالة الإسلام ؛ ومن تلك المقدمات التي ينبغي أن يعرفها كل مسلم أو غير مسلم ليزداد إيمانهم واقتناعه بدين الحق الذي جاء لهداية الناس أجمعين ما نورده تحت هذا الموضوع البالغ الأهمية إن شاء الله لعله يكون دعوة لثبات المسلم على دينه وزيادة قربه من تعاليمه وتنفيذها ، ويحث غيره إلى اعتناق الإسلام كدعوة واجبة على كل مسلم لتبليغها بعد أن تركنا محمد صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وشهادة له أمام الله ورسوله يوم القيامة أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وإدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة ، ووجبت لنا شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأن يشرب كل من آمن برسالته منا من يده الشريفة يوم القيامة شربة ماء من كوثره العذب لا يظمأ بعدها أبدا ويناله ثواب الله بدخول الجنة إن شاء الله :
1- ولد محمد عليه الصلاة والسلام سنة 570 من مولد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، وقيل كان ذلك عام الفيل ، وقد قيل أنه كان يمر الظهران راهب من أهل الشام يدعى عيص وقد أتاه الله علمًا كثيرا ، وكان يلزم صومعته ويدخل مكة ؛ فيلقى الناس ويقول : يوشك أن يولد فيكم يا أهل مكة مولود تدين له العرب ، وتخضع ، ويملك العجم وهذا زمانه فمن أدركه واتبعه أصاب حاجته .
وقال جلال السيوطي : في خصائصه الصغرى : إن من خصائصه صلى الله عليه وسلم تنكيس الأصنام لمولده ، عن بعد المطلب قال : كنت في الكعبة فرأيت الأصنام سقطت من أماكنها وخرَّت على الأرض سجدا وسمعت صوتا من جدار الكعبة يقول : ولد المصطفى المختار الذي تهلك بيده الكفار )
وقال الماوردي في مؤلفه أعلام النبوة : قال سيف بن ذي يزن يا عبد المطلب إني مُفْضٍ إليك عن سِرٍّ من علمي ؛ ما لو كان غدكَ لم أُبِحْ بدله ، ولكني رأيتك معدنه ، فأطلعك عيه .إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اخترناه لأنفسنا واحتجناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما ، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاء للناس عامة ولرهطِكَ كافة ولك خاصة ....إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة ، وهذا حينه الذي يولد فيه ، وقد يولد اسمه أحمد يومت أبوه وأمه ، ويكفله جده وعمه ، باعثه جهارا وجاعل منا له أنصارا ، يعزُّ بهم أولياؤه ويذل بهم أعداءه ، تكسر الأوثان وتخمد النيران ويُعبدُ الرحمن ويدحر الشيطان ؛ قوله فصل ، وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله .
وقيل إن ليلة ولادته تزلزلت الكعبة ولم تسكن ثلاثة أيام بلياليهن ، وارتجَّ أيوان كسرى أنو شروان وسُمِعَ لشقه صوت هائل وسقط منه أربع عشرة شرفة ، وأنه صار كل واحد من بيوت نار فارس التي كانوا يعبدونها خامدة نيرانه ، وغار ماء عيون الفرس في الأرض .
إلى غير ذلك من العلامات التي رأتها أمه حين ولادته من أن نورا خرج منها فأضاء ما بين المشرق والمغرب وأنها لم تر في حمله ولا ولادته إلا كل جميل وطيب مما تلاقيه النساء في حملهن وولادتهن ، وأنه ولد مختونا وكل ذلك من بشائر ما يعده الله لأصفيائه وأحبابه من رسله الكرام عليهم جميعا صلاة الله وتسليماته ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم إلى يوم الدين . والله أعلم
تعليقات