من أهوال البحر وعجائبه
من رحلة أبي الحسن محمد بن جبير الكناني الأندلسي المولود في بلنسيه الذي سمع العلوم عن أبيه وكان من علماء الأندلس في الفقه والحديث وكانت له مشاركة في الآداب من عام 539 : 614 هجرية الموافق 1144م إلى 1217 م .
يصف ابن جبير من رحلة قام بها في البحر أهوال ما رآه فيقول :
عصفت علينا ريحٌ هال لها البحر وثار ، وجاء معها مطرٌ ترسله الرياح بقوة ، كأنه شآبيب سهام منصبَّة فعظم الخطب ، واشتد الكرب ، وجاءنا الموج من كل شِعْب ومكان أمثال الجبال السائرة ؛ فبقينا على تلك الحال الليل كله ، واليأس قد بلغ منا مبلغه وارتجينا مع الصباح فرحة وفرجة تخفف عنا بعض ما نزل بنا ، فجاء النهار بما هو أشد هولا وأعظم كربا ، وزاد البحر هياجا ، وحينئذ تمكن اليأس من النفوس ، وارتفعت أيدي المسلمين بالدعاء إلى الله عزَّ وجلَّ وظللنا طوال النهار وليلٍ بعده ثم أقشعت السحاب لمَّا أسفر الصبح ، ونشر الله رحمته ، وطاب الهواء ، وأضاءت الشمس وأخذ البحر في السكون .
ولكل قوم أصل في عراقتهم التاريخية ، ومما قرأته للكاتب علي فهمي خشيم عن أصل ليبيا التي كان متوجها إليها ابن جبير من الأندلس عند هياج البحر فيقول العالم ابن خرداذابة في كتاب المسالك والممالك :
الليبيون عربٌ لا ريب ؛ وكان أصل سكان ليبيا كانت دار البربر الليسبين وفلسطين وملكها جالوت ، فلما قتله داود عليه السلام جلت البربر إلى المغرب حتى انتهوا إلى ( لوبية ومراقية ، يعني ليبيا ومراكش ، فتفرقت هناك ، ونزلت زناته ومقيلة الجبال لواتة أرمن برقة ، وهي أنطالس بالرومية ، ونزلت هوارة مدينة أياس وهي طرابلس وهي ثلاث مدن .
تعليقات