نَوَادِرُ مُفِيدَة مِنْ ثَقَافاتٍ عديدة ( الحلقة الثانية )
2- النوادر الصحية المفيدة : تكون بعطاء متميز من المريض مع الطبيب المعالج : قرأت لك من كتاب هل أنت حيّ ( مختار المختار ) باختصار ما يلي :
هناك مشكلات لا يستطيع الطب العقلي معالجتها ، فإن كثيرا من الأمراض لا تنشأ عن حالة عقلية ، وكثير من الصعوبات الاقتصادية والطبيعية لا تسهل أزالتها ، وفي مثل هذه الحلات يستطيع الطبيب العصري أن يساعد المريض على أن يواجه مشكلاته ومصاعبه وأن يقبلها ، ثم يجتهد أن يوجد في نفسه ما يغنيه عنها أو يعوضه منها ، ونحن نكف عن الجهاد في سبيل ما يستحيل تحقيقه نطلق الحرية للقوة التي كانت موقوفة على هذا الجهاد ونستطيع أن نستخدمها في تحقيق حياة غنية بالخير مع الصحة الضعيفة . والطبيب العصري على صغر سنه يستطيع أن يعالج حالات يعجز عنها الطبيب المُسِنّ من المدرسة القديمة ..............................
فقد حدث أن صبِيَّة كانت تشكو القَيئ المتوالي ، وعجز الأطباء الكبار في المدرسة القديمة عن علاجها ، فلما عاينها طبيب حديث التخرج ، وجد أن التحليل الطبي لم يتبت وجود مرض ما في الأمعاء ، فعمد إلى محادثتها فتبيَّنَ من حديثها أنها مضطربة اضطرابا عاطفيا مؤلما ، وسبب هذا الاضطراب أنها كانت تمنَّت في ساعة غضب وفاة معلمتها ، وبعد ثلاثة أيام أتفق أن ماتت المعلمة بسكتة قلبية ، فاعنقدت الصبية أن تمنيها كان سبب هذه المأساة ، فأسفت أسفا شديدا انقلب إلى اضطراب في المعدة ، فلما أقنعها الطبيب أنَّ لا شأنَ لها بهذه المأساة ، عادت فاستردت صحتها ..... وفي هذا يقول الدكتور فرانز ألكسندر :( إن المريض أصبح الآن موضع اهتمام الطب على أنه إنسان كامل بما فيه من هموم ومخاوف وآمال ويأس ، لا على أنه مجموعة من الأعضاء فقط )فالآن يحتاج الطب إلى رجلين ــ طبيب حاذق أي ماهر حصيف ، ومريض أريب متعاون ؛ فإن أقدر الأطباء يصبح مغلول اليدين ما لم يساهم المريض في حل المشكلة في شفائه . وأول ما يعنى به المريض هو أن يهتدي إلى طبيب أسرة نطاسي ( ذي خبرة ومهارة ) يتعرف بخبرته الطويلة بخصائصك الجسدية والعقلية باستمرارك معه ، أما المرضى الطائرون فإنهم يحرمون أنفسهم مزيَّة العناية الطبية ، وعلى المريض أن يفضي بكل شيءٍ إلى طبيبه حين يستشيره بدقة ملاحظتك لنفسك ــ موضع الألم على وجه الدقة ومبلغ تكرره وشدته ، وماذا يحدثه ، وماذا يبدو أنه يخففه ، أكنت تأكل بغير حساب مثلا ؟ أخبر الطبيب وأخبره بالدواء الذي تعاطيته ؛ فقد يكون هذا الدواء قد حجب حقيقة حالك مثال ذلك أن التشخيص الدقيق للحرارة صعب إذا فاتك أن تذكر للطبيب أنك تعاطيت أخيرا جرعة من دواء مسكن لعله ستر الألم بوصفة من غير متخصص في الحالة لديك الذي يبحث عنه طبيبك المعالج . كما لا ينبغي أن تستر مرضك خجلا فكثيرا ما يؤدي إخفاء المرضى لما سبق لهم أن أصيبوا به من الأمراض التناسلية إلى الهلاك ، وليس طبيبك معنيا بالأحكام الأخلاقية ، وأنما هَمُّهُ كله أن يشفيك .ومن حكمة المريض المتابع مع طبيبه الذي يعرف حقيقة مرضه باستمراه معه ألا تنتظر إذا حدث لك شيئٌ صدم جسسمك حادث قوي ظهر أمر الرضِّ عليك منه عصرا أن تبلغ طبيبك فجرا وهذا مما لا يغتفر للمريض العاقل أن تنتظر إلى الساعة الثالثة صباحا فإن حالة في الدم ينبغي أن يقف عليها الجراح فورا ، أو حدث لك تشنج في العضل منذ نفس الوقت إلى صباح اليوم التالي ، وليست المسألة مسألة إشفقا على الطبيب أن تزعجه من نومه ، فقد يكون التأخير وبيلا عليك وخاصة إذا تبين أن ما تظنه اضطرابا في المعدة إنما هو انفجار في الذائدة الدودية والعدوى بجرثومة (ستربتو كوكس ) في الحلق أو حتى على أثر خدشٍ بسيط يجب المبادرة إلى علاجها ، وإذا أهمل الفتق فقد يكون وخيم العاقبة ...... ومن الغريب أنكثيرين من المرضى يعجزون عن تنفيذ أوامر الطبيب في أمور هينة مثل مقدار الجرعة وأوقات تعاطيها ، وقليل من التفكير يكفي ليتبين المريض أن لهذه الأوامر سببا وأنها مهمة لصحة المريض وسرعة شفائه ، والمريض الحصيف يتفاهم سلفا وبجلاء على تكاليف العلاج ولا سيما إذا كان الأمر يستدعي جراحة أو علاجا خاصا ، فإنه يعرف حالتك المالية عندما تكون العلاقة وثيقة بين المريض وطبيب الأسرة ، وفي وسعه أن يتحدث أن يتحدث عنك مع الجراح دون أن يعرضك للخجل أو الارتباك ، وقد يتفق على تقسيط التكاليف ، وأكثرنا يعرف أن الفحص الدوري للأسنان لازم ، ولكنا بغفل ما هو أكثر شأنا ، وهو الفحص الطبي السنوي المنتظم ولا سيما متى اقتربنا من السِّن التي تفتر فيها القُوى ، وقد تبدو تكاليف فحص القلب والرئتين والأعصاب وتحليل الدم والبول وغير ذلك جسيمة ولكنها تأمين رخيص ضد أمراض تكاليفها أبهظ وأعلى كثيرا ، وليست أمراض القلب والرئة والسكر إلا بعض الأدواء الوبيلة التي يمكن وقفها أو شفاؤها إذا اكتشفت في الوقت المناسب ...، وليس في وسع الطبيب أن يرغمك على شيء ، وما من قانون يفرض عليك أن تكون مريضا أريبا ، فإذا كنت لا تريد أن تعنى بنفسك ..فكل ما أقوله هو أنك الخاسر في النهاية إذا لم تعمل عقلك وتتعاون لمصلحتك قبل أن يفوت الأوان وتندم . ولا ينفع وقتها الندم ...... عافى الله كل مريض ووقانا ربنا شر الألم والمرض والعناء برعايته لنا جميعا إن شاء الله .
تعليقات