نشأة فن القصة
كان الإنسان البدائي يعيش في عالم غامض ، وكان عقله قاصرا عن إدراك كنه هذا العالم ؛ فالشمس تشرق وتغرب في روعة وعظمة ، والعواصف تثور فتهدم الأكواخ ، وتقتلع الزروع والأشجار ، والبراكين تتفجر فتقذف بالحمم ، والأنهار تفيض والبحار تهيج ، ووقف الإنسان تجاه مظاهر الطبيعة والكون وقفة الرعب والحيرة يتأملها ويحاول أن يتفهمها ، ثم اهتدى أخيرا إلى حل اطمأن إليه إذ أضفت تلك الظواهر على عالم الخيال روحا كروحه ، وتخيله يعيش كما يعيش ويأكل ويشرب وينام مثله ؛ فكان يرى في الصخرة المنحدرة من قمة الجبل آدميا مثله يناصبه العِداء ، وكان يظن الريح روحا جهنمية غير منظورة قادرة على تنكل به وبزرعه وحيوانه ، وكان يرى في منامه أحلاما غريبة تمثل أشخاصا ماتوا فتوهمهم أحياء في عالم آخر ، وخشي من كان منهم قويا مستبدا ، فقدم له القرابين ، وذبح له العبيد تزلفا إليه وطلبا لرضاه ، وعلى هذه الشاكلة جعل خيال الإنسان الأول يفترض الفروض ويفسر مشكلات الحياة ، فكان هذا العمل أول خطوة في إنشاء الأساطير . وما الأسطورة سوى قصة خرافية صاغها الإنسان البدائي كما أوحى بها خياله الضعيف ، ثم تطورت تلك الأساطير شيئا فشيئا فع