مقاييس نقد المعنى في الأدب الشعري
قد يظن المتابع الكريم أن هناك تداخلا بين محاضرة مقاييس نقد الكلمات والجمل في
الأسلوب هي نفس مقاييس نقد المعنى وهذا ظن يجانب الصواب وينبغي فهمه على أنه كما
تحدثنا عن فهم المفردات الحسية ومعانيها في صياغة الأسلوب ، وكذلك الجمل فهناك ما
يتعلق بالمعنى الرمزي أو المعنوي العام في الشعر من حيث :1- الصحة والخطأ عما يقصده
الشاعر في موضوع قصيدته وإبداعه في ابتكار الخيال الذي ربما ينتج عن تكوين صورة
شعرية في ذهنه تخالف ما قد يفهمه ويعرفه الأديب والناقد الذي خبر تأويلات الصياغة
كما عابوا من هذا الجانب ( الصحة والخطأ في قول الشاعر : لم تدرِ ما نسج البرندج
قبلها ودراس أعوص دارس متخدد وقول الآخر : لا يقوم الفيل أو فياله = عن مثل مقامي
وزحل 2- الابتكار والتقليد: فترى الذباب بها فليس ببارحٍ= هَزِجًا كفعل الشارب
المترنم غَرِدًا يَحُكُّ ذراعه بذراعهَ = فِعْلَ المُكِبِّ على الزناد الأجزمِ وقول
شاعر ثالث : كأن المُدامَ وصوب الغمام ، وريح الخزامى ونشر القَطَر يعل بها برد
أنيابها = إذا طرب الطائر المستحر وقولهم : قوم ترى أرماحهم يوم الوغى مشغوفة
بمواطن الكتمان والضاربين بكل أبيض مرهفٍ =والطاعنين مجامع الأضغان وكذلك قول
القائل : إذل ما غدو بالجيش حلق فوقهم = عصائب طيرٍ تهتدي بعصائب جوانح قد أيقنَّ
أن قبيله= إذا ما التقى الجمعان أول غالب وصاحب الحكمة الذي قال : من راقب الناس
مات غما = وفاز باللذة الجسور ومن راقب الناس لم يظفر بحاجته = وفاز بالطيبات
الفاتك اللهج وعدد النقاد مواضع من الابتكار والتقليد في اختراع معاني غامضة معيبة
لم تكن بسيطة هينة الفهم والوضوح مثل : وشعر يغير عليه باسلا بطلا = وينشد الناس
إياهُ على رقب حتى إذا كفَّ عن غتراته فله= شعر يئنُّ مُقاسيهِ من الوَصَبِ ورب شعر
نقدته مثلما ينقد رأس الصيارف الدينارا 3- الطرافة : شهدت عليك بطيب المشاش = وأنك
بحر جواد خضم وأنك سيد أهل الجحيم = إذا ما ترديت فيمن ظلم قرين لها في قعرها =
وفرعون والمكتنى بالحكم 4- الوفاء بالمعنى : فلا تأمننَّ الدهر حُرًّا ظلمتهُ = فما
ليل مظلومٍ كريمٍ بنائم حليم إذا مالحلم زين أهله = مع الحلم في عين العدو مهيب
فسقى ديارك غير مفسدها = صوب الربيع وديمة تهمي ألا زعمت بنو سعد بأني = ــ ألا
كذبوا ــ كبير السن فاني إن الثمانين وبلغتها = قد أحوجت سمعي إلى ترجمان لو أن
الباخلين وأنت منهم = رأوك تعلموا منك المِطالا فقال فريق القوم لا وفريقهم= نعم
وفريق قال ويحك لا أدري فيا أيها الحيران في ظلم الدجى = وزن خاف أم يلقاه بغي من
العداى تعال إليه تلق من نور وجهه = ضيلءً ومن كفيه بحرا من الندى فإن الحق مقطعه
ثلاث = يمين أو نفار أو جلاءُ صارت حنيفةُ أثلاثل فثلثهم من العبيد وثلث من مواليها
قال النقاد ( وأين الثلث الثالث )؟ فرد عليهم الشاعر قائلا : قولا لمن عاب شعر
مادحه = أما ترى كيف رُكِّبَ الشجر فيه اللحاء والخشب اليا بس والشوك والثمر ؟!وكان
أولى بأن يهذب ما يخلقُ رب الأرباب لا البشر فليعذر الناس من أساء ومن = قصَّر في
الشعر إنه بشر والشعر لمح تكفي إشارته= وليس بالهذر طُوِّلتْ خطبه 5- الدين والخلق
: عاب النقاد الخروج من الشاعر في أبياته عن قيم الدين والأخلاق الحميدة المستهدفة
من الشعر كقول القائل : ولولا أن تعنفني قريش = مقال الناصح الأدنى الشفيق لقلت إذا
التقينا قبايني ولو كنا على ظهر الطريق!! وعنفوا أيضا الشاعر الذي قال : فلم أرَ
كالتجمير منظر ناظر = ولا كليالي الحج أفلتنَ ذا هوى وكم ماليء عينيه من شيءِ غيرهِ
= إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى وقول المتغزل الثالث : الله بينك وبين قيِّمها
يهرب مني بها وأتبع وبيت الشاعر المنكر لفريضة الصيام : ولست بصائم رمضان رمضان
طوعا = ولست بآكل لحم الأضاحي ولست بزاجر عيسي بكورا = إلى بطحاء مكة للنجاح ولست
بزائر بيتا عتيقا = بمكة ابتغي فيه صلاحي ولست بقائم بالليل أدعو = قبيل الصبح حي
على الفلاح ولكني سأشربهاشمولا = وأسجد عند منبلج الصباح وقال الآخر : رأت رجلا أما
إذا الشمس عرضمت = فيضحى وأما بالعشي فيخسر رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت فيضحى =
وأما بالعشي فيخصر لا تحظر العفو إن كنت امرء حرجا = فإن حظركهُ للدين إزراء سموتُ
إليها بعدما نام أهلها = سُمُوَّ حباب الماء حالا على حال فأصلبحت معشوقا وأصبح
بعلها = عليه القتام سيء الظن والبال وقول الفاسق المعتدي على الحرمات : فمثلك
حُبْلى قد طرقتُ ومرضع = فألهيتها عن ذي تمائم محول إذا ما بكى من خلفها انصرفت له
= بشِقٍ وتحتي شقها لم يحول وقول منكر البعث والقيامة : حياة ثم موت ثم بعث = ح\يث
خرافة يا أم عمرو ما جاءنا أحٌ يُخَبَّرُ أنه = في جنة من مات أو في نار يترشفن من
فمي رشفات = هن أحلى من التوحيد وقول غيره : لو كان علمك بالإله مقسما = في الناس
ما بعث الإله رسولا أو كان لفظك فيهم ما أنزل التوراة والفرقان والإنجيلا أخليفة
الرحمن إنا معشر حنفاء نسجد بكرة وأصيلا عرب ترى لله في أموالنا = حق الوكاة منزلا
تنزيلا =========== وما زال للنقاد في الكلام عن مقاييس نقد المعنى في الشعر الكثير
ننقله لكم قريبا إن شاء الله
تعليقات