تدقيق الجزء 26 من رواية ( فيف لاكلاس)

الجزء السادس والعشرون رواية الأستاذة منيرة الفهري فيف لا كلاس مسكت الخالة محبوبة فاطمة من يدها وكأنها تدلّها على الطريق. ولجتا البيت واندهشت فاطمة من تصرف الخالة محبوبة فقد أحكمت إغلاق الباب بمفتاح كان بحوزتها ،وأشارت إليها أن تتبعها إلى غرفة نائية في الحوش. كانت النافذة الوحيدة للغرفة مغلقة وكان الظلام يسود عليها رغم الشمس المشرقة في الخارج. سمعت صوت (سي الطاهر) يناديها أن اقتربي. وهناك رأت الحكيم وبجانبه الطبيب "سي محمد علي". همهمت تحيةً بالكاد نطقتْها. و لم تقل شيئا فقد فهمت ما كانت ترمي إليه الخالة محبوبة من طلب مساعدتها في تنظيف البيت. تقدمت فاطمة من (سي الطاهر) مصغية. • "انتبهي يا فاطمة, سنبقى بعض الوقت هنا حتى نتدبر الأمر (فالجندرمة) يبحثون عنا. سأعطيك رسالة عاجلة عليك أن توصليها للفلاقة في الجبل, أنت تعلمين أنهم غيروا مكانهم و أصبحوا في الجهة الغربية, ستصحبك الخالة محبوبة و ستحملان أكياسا لجمع الحطب مثل كل نساء القرية." ارتعشت أوصال فاطمة. يا للهول ! كيف لي أن أقوم بهذه المهمة الصعبة؟! ماذا لو أمسكني (الجندرمة) و قرأوا الرسالة و هم يعرفون أنني من عائلة الحكيم؟ و الخالة محبوبة, أتستطيع مسك لسانها؟ هي مريضة منذ أن غرقت ابنتها, كيف لي أن آمن لها؟ و كيف لي أن أعرف مخبأ الفلاقة الجديد؟ لو كان المخبأ القديم لذهبت إليه مغمضة العينين فأنا أتذكره جيدا عندما دلّني عليه سِيدي و نحن نحمل المؤونة للمقاومين. ماذا أفعل؟ و كأنّ (سي الطاهر) قرأ كل ما جال في خاطرها فقد أردف يقول: الخالة محبوبة في كامل قواها العقلية وقد أثبتت لي ذلك اليوم. أما مخبأ المقاومين فستجدينه و أنا أعوّل على ذكائك، فقط لا تتجهي شرقا، اتجهي غربا، لن يصعب عليك ذلك خاصة أنكِ تعرفين كلمة السر." أخذت فاطمة الرسالة من الحكيم وهي تشعر بالكبر و الخيلاء لكنّ قلبها كان يخفق بشدة. همت بمغادرة الغرفة لكنّ (سي الطاهر )استوقفها قائلا: "طبعا (طمّني) غالية واحكي لها ما حدث. وليوفقك الله يا فاطمة." خرجت فاطمة من الغرفة لتجد الخالة محبوبة تنتظرها قائلة: لم تأت حياة من المدرسة حتى الآن. نظرت إليها فاطمة معاتبة: "يا خالتي محبوبة ..." ولم تكمل الجملة ..أرادت أن تقول لها: "كفاك تمثيلا و تضليلا "..لكنها فضلت الصمت إكراما للمرأة العجوز التي يحبها الجميع. همت بالخروج لكنها عادت وقالت: سأذهب إلى الجبل لجمع الحطب هل تذهبين معي؟ ضحكت الخالة محبوبة وأشارت إلى أكياس مكدسة وراء الباب. "إذًا ما قاله سِيدي صحيح فالخالة محبوبة تتمتع بعقل يزن بلدا ،فقد استرقت السمع و فهمتْ ما عليها أن تفعل لذلك أحضرتْ الأكياس". لم يستغرق الحديث مع غالية ثوان ،و قد سعدت فاطمة كثيرا للبريق الذي رأته في عيني خالتها, يبدو أنها اطمأنت لمعرفة مكان زوجها. خرجت فاطمة من السقيفة تحمل كيسا لجمع الحطب بعد أن عرّجت على ركن "عمّي عمر" و وجدته يأكل فطيرة و يحتسي حليبا..نظرت إليه بحنان و قالت: "ادع لي يا عمي عمر." مسح العم عمر شاربيه من زيت الفطيرة ،و ردد: "ربي ينجحك, ربي ينجحك". ماذا؟ ستدخلين المدرسة يا فاطمة؟" ابتسمت فاطمة و أغلقت باب السقيفة و قلبها يكاد يخرج من بين أضلعها ......يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )