وقفة مع الرؤية في حديث شريف / دينيات مفيدة
للكلمة الواحدة في اللغة العربية ، ومضمونها في القرآن الكريم معانٍ متعددة أحيانا ، كلٌّ حسب السياق التي وردت فيه .............
ونحن نورد هنا حديثا نبويا شريفا ؛ ونختار كلمة منه ونذكر ما يمكن أن تتضمنه من معان أخرى غير الظاهر لنا دون تعمق في الهدف منها في سياقها ، فلنقرأ الحديث أولا :
عن أبي سعيد الخُدْرِيٍّ رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مَنْ رأى منكم منكرا فليغيِّره بيدهِ ، فإنْ لم يستطع فبلسانهِ ، فإن لم يستطع فَبِقَلْبِهِ ، وذلكَ أضعف الإيمان .......رواه الإمام مسلم في صحيحه .......
================
تفضل واقرأ الحديثَ مرتين بتفكرٍ وتمعن ورَوِيَّة ، فقد تصل إلى ما سنذكره عن بعض كلمات منه بالتفصيل إن شاء الله مع ضرب الأمثلة ...............
الكلمة هي ( رأَى )
وهي في اللغة العربية ( فعل ماضٍ ) مبني على الفتحة المقدرة على الألف اللينة الساكنة في آخرها ، ومعناها : عَلِمَ ؛ إذْ لا يشترط في الوجوب الآتي رؤية البصر ؛ بل المَدار على العِلم أَبْصَرَ أمْ لا ... ورأى مستعملةٌ في حقيقتها من الإبصار ، ويكون حُكْمُ المَعْلُوم غير المُبْصَرِ مَقِيساً على حكم المُبْصِرِ بجامع أنَّ القصدَ دَفْعُ مَفْسَدَةِ المنكر مُطْلَقاً .....نعم مَنْ عَلِمَ مِنْ عِلمٍ اختلاءَ جماعةٍ بمنكرٍ فإنْ كان نحو ( قََتْلٍ أوْ زِناً ) مما لا يستدركُ لَزَمَهُ الهجومُ لإزالتهِ وإن كان فيه تسورُ جدرانٍ ، وإن كان غير ذلك ، فلا لأنه يصبح تجَسُسا ، وقدْ نُهِينَا عنه .......
( مِنكم ) أي معشر المُكَلَّفِين القادرين من المسلمين ؛فهو خطابٌ لجميع الأمة حينئذٍ بالمُشَافَهَةِ ، وغائبها بطريق التَّبَعِ أو لأن حكمه صلى الله عليه وسلم على الواحد حكمٌ على الجماعة ، كما قال
( مُنْكَراً ) وهو الآتي في الكلمة الثالثة من هذا الحديث الشريف ؛ ومعناهُ ترك واجب أو فعل حرامٍ ؛صغيرة كان أو كبيرة خلافا لما قد يُتَوَهَّمُ من كلام الإمام .....................
( فَلْيُغَيِّرْهُ ) وجوباً بالشرعِ لا بالعقل خلافا للمعتزلة على أنه فرض كفايةٍ إن علمَ به أكثر من واحد وإلا فهو فرض عين وذلك للكتاب والإجماع أيضا ، ومخالفة بعض الرَّافضة فيه لايعتدُّ بها ؛ قال الله سبحانه وتعالى ( .... ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ....) والآيات الدالة في هذا كثيرةٌُ ، وصَحَّ أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( لَتَأْمُرُنَّ بالمعروف ولتنهنَّ عن المنكرِ أو ليعُمَّنَكم اللهُ بعذاب من عندهِ (... وفي حديث آخر قال ( إن الله لا يُعَذِّبُ العامةَ بعمل الخاصة ، ولكن إذا عملوا المنكر جهارا استحقوا العقفوبة كلَّهم ) والأحاديث في ذلك كثيرةٌ أيضاَ .
===============
والله أعلم ، ونواصل الشرح والتفصيل لمعاني الكلمات المتبقية من هذا الحديث الشريف بما أورده ابن حجر اٌلإمام أحمد شهاب الدين الهيثميّ المكي رحمه الله عن أحاديث الأربعين النووية للإمام النووي رحمه الله ....
إن شاء الله في مساهمة قادمة بإذن الله تعالى .
تعليقات