مناظرة بين خالد بن يزيد وبين عبد الملك بن مروان / تاريخ وثقافة
خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، وعبد الملك بن مروان ، دارت بينهما مناظرة تاريخية،
يروَى أن عبد الله بن يزيد بن معاوية أتى أخاه خالداً فقال ياأخي لقد هممتُ اليوم أن أفْتِكَ بالوليد بن عبد الملك . فقال له خالد : بئس والله ما هممتَ به في ابن أمير المؤمنين ، وولِيّ عهدِ المسلمين !.......،
فقال : إنَّ خيلي مَرَّتْ به فعبث بها و أصغرني ، فقال له خالد : أنا أكفيك ، فدخل خالد على عبد الملك والوليد عنده ، فقال : يا أمير المؤمنين ، الوليد ابنُ أمير المؤمنين ، و وَلِيُّ عهد المسلمين ، مرَّتْ عليه خيلُ ابن عمه عبد الله بن يزيد فعبث بها ، وأصْغَره ، ... وعبد الملك مُطْرِقٌ؛ فرفع رأسه ،
فقال : إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها ، وجعلوا أهلها أذِلَّة وكذلِكَ يفعلون .) آية 34 من سورة النمل ..... فقال خالد : ( وإذا أَرَدْنا أن نهلكَ قرية أمرنا مترفيها ففسَقُوا فيها فحقَّ عليهم القولُ فدمَّرْناها تدميرا ) آية 16 من سورة الإسراء ........
؛ فقال عبد الملك : أَفِي عبد الله تُكَلِّمُني ؟ والله لقد دخل عليَّ فما أقامَ لسانَهُ لحْناً!! فقال له خالد : أفعلى الوليدُ تُعَوِّلْ ؟ فقال عبد الملك : إن كان الوليد يَلْحن فإن أخله خالد سليمان ،
فقال له خالد : وأن كان عبد الله يلحن فإن أخاهُ خالد ، فقال له الوليد : اسكتْ يا خالد ، فوالله ما تُعَدُّ في العِيرِ ولا في النفيرِ ، فقال خالد : اسْمَعْ يا أمير المؤمنين ، ثم أقبل عليه وقال : وَيْحَكَ فَمَنْ العيرُ ومن النفير غَيري ؟ جَدِّي أبو سفيان صاحب العير ، وجدي عُتْبَة بن ربيعة صاحب النفير ، ....
ولكن لو قلت : غُنَيْاتٌ ، وحبَيْلات ، والطائف ، ورحم الله عثمان ...لقلنَا صَدَقتَ !!......
أما قوله: في العير ؛ فهي عير قُريش التي أقبل بها أبو سفيان من الشام فنهَدَ إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونَدَب إليها المسلمين ، وقال : لعل الله يَنْفِلكُمُوما ، فكانت وقعةُ بَدر ، وساحل أبو سفيان بالعير ، فكانت الغنيمةُ ببدر ، كما قال الله عزَّ وجلَّ :( وإذْ يَعِدُكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم ، وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم .) آية 7 من سورة الأنفال ... أي غير الحرب ،
فلما ظَفِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل بدر ، قال المسلمون : انْهَدْ بنا يا رسول الله إلى العير ، فقال العباس رحمه الله : إنما وعدكم الله إحْدى الطائفتين ........ وأما النفير فَمَنْ نفر من قريش ليدفع عن العير ، فجاءوا فكانت وقعة بدرٍ ، وكان شيخُ القوم عُتْبَة بن ربيعة بن عبد شمس ، وهو جدُّ خالد من قبل جَدَّتِهِ هندُ أم معاوية بنت عتبة ،ومن أمثال العرب :
لست في العير يوم يجِدُّون بالعير ** ولا في النفير يومَ النفير .... ثم اتسعَ هذا المثل حتى صار يقال لمن لا يصلح لخير ولا لشرٍّ ولا يُحْفَلُ به : لا في العير ولا في الفنفير .) ...
وقوله غُنَيْمات ، وحُبَيلات ؛ يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أَطْرَدَ الحكم َ بن أبي العاصي بن أميةَ ، وهو جدُّ عبد الملك بن مروان لجأ إلى الطائف ، فكان يرعى غُنَيمات ، ويأوِي إلى حُبَيْلَةٍ وهي الكرمة .... وقوله : رحم الله عثمان ) أي لِرَدِّهِ إياهُ ....... وقولنا ( أَطْرَدَهُ ) أي جعله طريدا ، وَ طَرَدَهُ : نَحَّاهُ ، كما تقول : حمدته أي شكرته ، وأحمتد : أي صادفته محمودا ... وكان عثمان رحمه الله استأذنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في رَدِّهِ متى أفضى الأمرُ إليه ، روى ذلك فقهاء العلم والتاريخ ... والله أعلم .
================================
المرجع / كتاب الكامل الجزء الأول لأبي العباس محمد بن يزيد المُبَرد
عارضه وعلق عليه في مؤلفهم كلا من :
الدكتور محمد أبو الفضل إبراهيم*
السيد شحاته *
عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية القرشي هو شخصية تاريخية وُلد في المدينة المنورة عام 24 هجريًا. كان عبد الملك عالِمًا فقيهًا من فقهاء المدينة. يُصف بأنه كان طويل القامة وأبيض البشرة، وكانت لديه حاجبان متصلان، وليس بدينًا ولا نحيفًا. كان يتميز بنقش خاتمه الذي يحمل عبارة “آمنت بالله مخلصًا”. والدته هي عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن العاص بن أمية، وهي زوجة مروان بن الحكم ووالدة الخليفة مروان بن الحكم.
ويبقى في النهاية سؤال للقارئي الكريم يهمني أن أقرأه مستندا إلى دليل موثوق به من مراجع الفقه واللغة العربية المعروفة وشكرا لكم
تعليقات