الجزء السابع عشر وصل الشيخاوي و معه الطبيب و قد رُبط الحصان في شجرة على مقربة من مكمن الفلاقة، تقدم سي محمد علي و قلبه يخفق بشدة، فهو لم يسمع صوتا منذ أن ترجل هو و الشيخاوي عن الحصان. ماذا هناك يا ترى؟ ماذا لو حدث مكروه للحكيم لا قدر الله؟ تنحنح بوجمعة و هو يستقبل الطبيب و يشير له إلى مكان سي الطاهر الذي كان مستلقيا هناك في آخر المغارة. جرى الطبيب و انحنى على الحكيم ليفحصه أو على الأقل ليفهم ماذا حصل، فلم ير ذلك الرجل الهمام الذي روّع الجندرمة الفرنسيس في عديد المرات, لكنه رأى رجلا خائر القوى، غائر العينين لا يقوى على الحراك و هو ينزف بشدة. فتح سي محمد علي حقيبته و بدأ بتضميد جراح الحكيم و في قلبه وجع و خوف كبيران على هذا المريض الذي لم يكن فقط ممرض القرية الذي يزورها كل أسبوع, بل كان صديقه المقرب منذ أن انخرط معه في المقاومة و كان يتلقى منه التعليمات من حين لآخر فيطبقها بحذافيرها. لم ينتبه الطبيب إلى هذا الجمع الكبير من الرجال الذين أحاطوا بالحكيم و هم واجمون لا يتكلمون ينتظرون سير عملية الإنقاذ و هم يرتجفون خوفا على قائدهم الذي عرفوه جبلا لا تزعزعه الرياح. ماذا لو انهار هذا الجبل؟