حوار حول ( ضحك عليه وضحك منه ) فروق لغوية 4

نسمع كثيرا من الناس قولهم عن شخص ما: (ضحك على فلان)    وهذا التعبير غير سليم في اللغة العربية الفصحى
 وإنما الصحيح أن نقول: (ضحك من فلان )
وذلك اقتداء بكلام ربنا سبحانه وتعالى على لسان سليمان عليه السلام  :(( فتبسم ضاحكاً من قولها .)) صدق الله العظيم
رد الأستاذ منذر هواش الأردن : فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (التوبة 82)
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (النجم 43(
وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (النجم60(
وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (هود 71)
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ (المؤمنون 110فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا ... (النمل 19)
فَلَمَّا جَاءَهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ (الزخرف 47)
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (المطففين 29)
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (المطففين 34)
أخي الأستاذ محمد فهمي يوسف،
ما تفضلتم به حول صحة وفصاحة الاستخدام القرآني لمصدر "الضحك من" صحيح وجميل بدون أدنى شك
لكن قولكم بأن التعبير "ضحك على فلان" غير سليم ففيه نظر، وذلك لأنه يجوز في العربية القياس على الضد كما يقاس على المثل، ومثلما نقول "بكى عليه" فإنه يجوز لنا أن نقول "ضحك عليه" قياسا على الضد الشيء نفسه نراه يحدث في عبارة "رضي عنه"، حيث أجاز العلماء قولهم "رضي عليه" قياسا على ضدها "سخط عليه
تحية وسلام، والله أعلم،
منذر أبو هواش
ورددت على الأستاذ منذر هواش فقلت :
أخي الفاضل الأستاذ منذر أبوهواش
أشكركم للتواصل والإفادة الجيدة التي تفضلتم بها . عن جواز القياس على الضد
عند بعض العلماء اللغويين . في مثل : رضي عليه , مقابلة : لسخط عليه
وقياس : ضحك عليه . مقابلة : لبكى عليه في رأيكم الكريم
ولكن ياأخي العزيز : قياسنا على لغة القرآن الكريم الذي تفضلت وأوردت
آيات عديدة عن الفعل : ضحك مع حرف الجر ( من ) , فهل هناك من الآيات الكريمة , ما جاء فيه فعل الضحك مع الحرف (على ) الذي أجازه
بعض علماء اللغة قياسا على الضد ؟!! أعتقد........... لا
وعندما أسمع أو تسمع قولهم : ضحك عليه .. نفهم من التعبير : السخرية
والاستهزاء , وهذا التعبير من وجهة نظري ليس مضادا : لبكى عليه
صحيح أن :( فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) مقابلة ضدية لوصف الكفار.
في الدنيا والآخرة
لكنه تعبير يختلف عن قولنا لشخص : يضحك من فلان ويبكي على فلان
وليس معنى ذلك أنني أخالف رأي علماء اللغة في القياس على الضد
لكنني أفضل القياس على فصاحة اللغة القرآنية في الاستخدام اللغوي
وجاء رد من الدكتور وسام البكري أستاذ اللغة العربية بجامعة بغداد ( العرق )
كلامك صحيح وسليم؛ ولا غبار عليه أستاذنا الفاضل محمد فهمي يوسف
نعم .. لم يرد في معجماتنا التراثية هذا الاستعمال، فهذا كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي وما تلاه من معجمات؛ وآخرها معجم تاج العروس لمرتضى الزبيدي
.
وإذا ما ورد في كتابات المتأخرين في مصنّفاتهم غير المعجمية أو اللغوية، فليست بحجة على الفصيح والأفصح.
نعم .. يمكننا أن نعدّ هذا التركيب (ضحكَ عليه) من جملة التطور الللغوي الذي أصاب لغتنا العربية بحسب الظروف الاجتماعية والثقافية التي مرّ بها المجتمع العربي.

وأما محاولة تصويب الأستاذ الفاضل منذر أبو هوّاش التركيب وتعليله تعليلاً لغوياً وفقاً لمبتنى قواعد العربية، فمُستحسَن، وإن كان لا يُثبت أصالة التركيب في العربية.

ضحك عليه ــ وضحك منه
 إذا كان من الممكن أن يأخذ حرف الجر معنى لحرف آخر أليس هذا ممكنا حتى يصبح تعبير ( ضحك على فلان ) يؤدي لمعنى ( ضحك من فلان ) وخاصة أنني قرأت في النحو المصفى ما يفيد تحول حرف الجر لمعنى حرف آخر أو أنه يدخل في باب التطور الدلالي للغة
للإجابة عن السؤال نقول
إنّ نيابة حرف عن حرف آخر، أو أي لفظٍ عن لفظٍ آخر، لا يكون مقيساً على استعمالٍ آخر، كما توهمه بعضهموإنما يكون معتمداً علىالسّماع من كلام العرب في شعرهم ونثرهم، أو من القرآن الكريم المُعجِز بنَظمه ولفظه، فهو كلام الله عزّ وجلّ، ولا يعلو عليه شيء
وأما التطور في الاستعمال بمرور الزمن لأسباب حضارية واجتماعية وثقافية، فمتروك للزمن نفسه، فسعة الاستعمال قد تمنحه الشرعية، ولكن ليس بين يوم وضحاها، وليس من غير الانتشار الواسع بين المثقفين والمتخصصين في كتاباتهم

وهذا الأمر يُذكّرنا بالسؤال المشهور في الملتقى الذي لم يكن له جواب، بل ظل بلا جواب معقول، وهو
هل يجوز تذكير التأنيث وتأنيث المذكر قياساً على ما في القرآن الكريم ؟
(كتبتُ العنوان بالمعنى بحسب ما أتذكّر، فعذراً)
إنّ (أَخْذَ لفظٍ حُكمَ لفظٍ آخرَ) يُسمّيهِ النحاة ومنهم ابن هشام في كتابه (مغني اللبيب عن كتب الأعاريب) بـ (التضمين). وبعضهم يسمّيه بـ (النيابة) أي: نيابة حرف عن حرف آخر
مثال:
قوله تعالى: ((الرّفث إلى نسائكم) البقرة 187
ضمّن (الرّفث) معنى (الإقصاء)، فعُدِّيَ بـ (إلى)، مثل قوله تعالى: ((قد أفضى بعضُكم إلى بعضٍ)) النساء 21وإنّما أصل (الرّفث) أن يتعدّى بـ (الباء)، يقال: أَرفَثَ فلانٌ بامرأته
يُنظَرمغني اللبيب عن كتب الأعاريب: (2/763)
ابن هشام الأنصاري (ت761هـ)، دار الفكر

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )