ختام سلسلة مقالات ذكرى الهجهرة النبوية (5)
في العام الهجري الجديد 1440 هجرية
نتعرف على ملخص يقرب مفهوم الهجرة كما وضحها العلماء المختصون :
للهجرة جانبان مهمان :ينبغي على كل مؤمن أن يعيهما ويعرف معناهما للعمل بأحكامهما .
والسير مقتديا بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
والتابعين رضي الله تعالى عنهم أجمعين بعد أن نقرأ ونتعلم
مما كتبه ابن قيم الجوزية في رسالته المعروفة باسم ( الرسالة التبوكية ) :
( إن الهجرة فرض عين على كل أحد في كل وقت ، وأنه لا انفكاك لأحد من وجوبها ، وهي مطلوب الله ومراده من العباد
إذ الهجرة هجرتان
الهجرة الأولى : هجرة بالجسم من بلد إلى بلد ، وهذه أحكامها معروفة ( ...... فأرض الله واسعة )
والهجرة الثانية : الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله ، وهذه هي الهجرة الحقيقية وهي الأصل وهجرة الجسد تابعة لها )
وهي هجرة تتضمن ( من ) و ( إلى )
فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته سبحانه وتعالى
ومن عبودية غيره إلى عبوديته
ومن خوف غيره وخشيته ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله وخشيته ورجائه والتوكل عليه
ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له إلى دعاء الله وسؤاله والخضوع له والمذلة والاستكانة له
وقد ورد في كتاب ( طريق الهجرتين وباب السعادتين ) :
(هجرة إلى الله بالطلب والمحبة والعبودية والتوكل والإنابة والتسليم والتفويض والخوف والرجاء والإقبال عليه وصدق اللجوء والافتقار في كل نفس إليه وحده )
(وهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة بحيث تكون موافقة لشرعه الذي هو تفضيل محاب الله ومرضاته ، ولا يقبل الله من أحدٍ دينا سواه ، وكل عمل سواه فعيش النفس وحظها ...)
فالجهاد في سبيل الله بنية خالصة :
كما ورد في أحاديث ابن عباس ومجاشع وابن مسعود وعبد الله السعدي رضي الله عنهم ،وأخرج النسائي بسند رجاله الثقات عن صفوان بن أمية رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله إنهم يقولون :
إن الجنة لا يدخلها إلا مهاجرا ؟
قال : لا هجرة بعد فتح مكة ولكن جهاد ونية ، فإذا استنفرتم فانفروا )
وأخرج البخاري وغيره عن عطاء بن أبي رباح قال :
زرت عائشة مع عبيد بن عمير الليثي فسألناها عن الهجرة :
فقالت : لا هجرة اليوم ، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم مخافة أن
يفتن عليه ، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام ، واليوم يعبد ربه حيث شاء ، ولكن جهاد ونية )
وقال النووي في شرح الإمام مسلم :( قوله صلى الله عليه وسلم ( ولكن جهاد ونية )
معناه : أن تحصيل الخير بسبب الهجرة قد انقطع بفتح مكة ،
ولكن حَصِّلُوهُ بالجهاد والنيةِ الصالحةِ )
والله تعالى أعلم
تعليقات