هذا منهج القرآن الكريم في بناء المجتمع
من مقدمة كتاب لعالم من العلماء الأزهر الشريف هو فضيلة الإمام الأكبر الأسبق الشيخ الدكتور محمود شلتوت رحمه الله تعالى
يقول في كتابه عن منهج القرآن الكريم في بناء المجتمع :
قال تعالى في الآية 9 من سورة الإسراء في بيان هذف نزوال كتاب الحق في شريعة الإسلام الخاتمة :
(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا )
ويقول سبحانه وتعالى عن كتابه في الأيةالأولى من سورة هود عليه السلام :
( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير )
هذا هو القرآن ، نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ؛ ليرشد الناس به إلى ما يجب أن يأخذوا به أنفسهم وينظموا به حياتهم ، ويكونوا به مجتمعهم على الوجه الذي يسعدهم في الدنيا بالعزة والسلطان ، والتمكين والهيمنة على الحق ، وفي الآخرة بالرحمة الدائمة وبالنعيم المقيم فتكمل للإنسان سعادته في الأولى والآخرة .
جاء القرآن الكريم وفي العالم مجتمعات مختلفة الأسس والغايات استمدت حياتها من أوضاع بشرية وأفكار إنسانية بحتة فاتخذ بعضها العصبية الجنسية أساسا للحياة واتخذ البعض الآخر أساس حياته العصبية الإقليمية ، وكلتاهما وليدة نزعات خاصة لا تمت إلى القلب الإنساني ، ولا إلى الصالح العالم البشري وفيما بينهما ـ العصبية الجنسية والعصبية الإقليمية ــ يذوب الضمير العالمي والروح الإنساني ويقضي على الرحم العام وبالحدب على المصالح العامة الذي يقضي على التعاون والسلام في العالم كله ويصير أفراد الإنسان ومجتمعاته كالحيوانات المفترسة يفتك قويها بضعيفها ويأكل كبيرها صغيرها .
وليس من ريب في أن حكمة الله الحكيم الرءوف الرحيم تأبى أن يخلق بشرا ويسويه ويعدله بالعقل ويفضله على كثير من خلقه ، ويسجد له ملائكته ، ويجعله خليفته في أرضه يظهر رحمته وجوده ، ثم يتركه على هذا الوضع يأكل بعضه بعضا .فكان من رحمته أن أنزل هذا الكتاب ( القرآن الكريم ) إرشادا وهداية لما يجب أن يسلكه في تنظيم حياته ويتخذه أساسا لمجتمعه .
وأنزله في ليلة هي خير من ألف شهر ــ ليلة القدر ــ في شهر رمضان المبارك شهر أمة الإسلام وفرض الصيام الذي هو الفريضة التي يراقب الله فيها عياده على خلوص ضمائرهم الصادقة إليه فيه كل حياتهم اعتبارا من تحكم الصائم في الابتعاد وحده عما يغضب ربه سبحانه وتعالى الذي كرمه وجعله خليفة له . فعلينا أن نتددبر آياته ونتأمل بتأن ورية وعقل ما فيها عظات وعبر تفيد العاملين بها في الدارين .
وقد هدفنا من وراء متابعة أسئلة مسابقة محبة القرآن الكريم لهذا العام التاسع للمسابقة على مدار شهور رمضان السابقة حتى عامنا هذا 1443هجرية الحث على غرس مبائه الإلهية السامية والكاملة في خلق مجنمعات كالتي ذكرها المؤلف الشيخ محمود شلتوت رحمه الله تعالى ، لنترك بعملمنا البحثي المتواضع في تلك المسابقات أثرا نافعا للإنسان العاقل الذي يهتدي بتعاليم الدين الإسلامي في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم باتباع ما ورد في كتاب الله العزيز وآياته المختارة هذا العام للهداية وفضلها وعظمة الثواب عليها إن شاء الله .
تعليقات