تنزيهُ القرآن عن المطاعن ( دينيات مفيدة )

كتابٌ قيمٌ في جزءَيْنِ للقاضي عبد الجبار ؛ يحسن الاطلاع عليه لما فيه من فوائد عديدة في تدبر القرآن الكريم وآياته وفهم معانيها ليمكنه الرد على ترَّهات وأضاليل الجاحدين لآياته والكافرين بما فيها من مواعظ ونصائح وتوجيهات إلهية بكلام الله جلَّ و علا شأنه: وبداية يتحدث في مقددمة كتابه المؤلف الفاضل عن اعتراضهم على قوله تعالى : ( ختمَ الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غِشاوة )في الآية 7 من سورة البقرة ؛ ويقولون هذا يدل على أنه منعهم من الإيمان به ، ومذهبكم يقصد المسلمين خلاف ذلك بتكفيرهم وعنادهم ؛ والجواب عليهم أن للعلماء المتخصصين في القرآن الكريم جوابين : *أحدهما : أنه تعالى شبه حالهم بحال الممنوع الذي على بصره غشاوة من حيث أزاح كل عللهم فلم يقبلوا كما تعين للواحد الحق فتوضحه فإذا لم يقبل صح أن تقول إنه حمار قد طبع الله على قلبه ، وربما تقول : إنه ميِّتٌ وقد قال تعالى : ( إنك لا تسمع الموتى ) ، وكانوا أحياء فلما لم يقبلوا شبههم بالموتى ؛ وهو قول الشاعر : لقد أسمعتَ إذ ناديتَ حيا === ولكن لا حياةَ لمن تنادي وهذا ذمٌّ من الله لهم ولو كان هو المانع لهم لما ذمهم ، وأنه ذكر في جملة ذلك الغشاوة على سمعهم وبصرهم ، وذلك لو كان ثابتا لم يؤثر في كونهن عقلاء مكلفين . * والرأي الثاني : أن الختم علامة يفعلها تعالى في قلبهم لتعرف الملائكة كفرهم وأنهم لايؤمنون فتجتمع على ذمهم ، ويكون ذلك لطفا لهم ولطفا لمن يعرف ذلك من الكفارأو يظنه ، فيكون أقرب إلى أن يقلع عن الكفر ؛ وهذ جواب الحسن البصري رضي الله عنه ولذلك قال : ( ولهم عذاب عظيم ). * ويطعن الكافرون والمنكرون لمعجزة القرآن الكريم على قول الحق سبحانه وتعالى في الآية 36 من سورة الزخرف : ( ومن يعْشُ عن ذكر الرحمن نُقَيِّضْ شيطانا فهو له قرين ) : ويتساءلون كيف يصح أن يكون تعالى يمنعُ من اتباع الشيطان ويقيضه للعبد ؟ ؛ والجواب والرد عليهم : أن المراد منْيعشُعن ذكر الرحمن في الدنيا نقيض له شيطانا في الآخرة فيصير قرينه ؛ كما ذكره تعالى في غير موضع ، ولولا هذا التأويل لحملناه على معنى التخلية عن العبد كما تأولنا عليه قوله تعالى :( إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤُزُهم أزَّا ) في الآية 38 من مريم ، ولذلك قال بعد : ( حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بُعدَ المشرقين فبئس القرين ) الآية 83 من الزخرف ، ولذلك قال بعده :( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم ) في الآية التالية 39 من الزخرف وكل ذلك يبين صحة وصدق القرآن الكريم . ومن أصدق من الله قيلا ، ومن أصدق من الله حديثا .والله أعلم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )