الجزء الرابع والعشرون (رواية : أ .منيرة الفهري )

الرابع و العشرون فيف لا كلاس رواية: أ. منيرة الفهري (السابق) كانت الساعة تشير إلى السابعة صباحا عندما دخل سي الطاهر المستوصف و لبس مئزر العمل. ابني ابني ابني يا حكيم كانت امرأة في مقتبل العمر تحمل ابنها الذي لا يتجاور السنتين من العمر و هي تبكي و تطلب النجدة. حمله عنها الحكيم و سألها مابه فقد كان الطفل لا يتحرك. قالت إن زوجها اشترى لها صبغة شعر من السوق فأكل ابنها منها حبة و هو يحسب انها حلوى. و في الحين صلبه سي الطاهر و وضع إصبعه في فمه في محاولة ليتقيأ الطفل. كانت غالية هناك فجرت بكأس حليب و أعطته للطفل الذي بدأ يتحرك ثم يتقيأ و يبكي. تنفس الحكيم الصعداء و أعاد الطفل لأمه قائلا: سيفحصه الطبيب سي محمد علي بعد قليل. لا تخافي فقد تجاوز مرحلة الخطر بحول الله. ======================= الـــــــــــــــــــــــــــرابع و العشـــــــــــــــرون بدأ القلق و الهرج و المرج يبدو على المرضى الذين انتشروا على الزنقة أمام المستوصف, فالساعة الآن تجاوزت العاشرة صباحا و طبيب القرية سي محمد علي لم يأت. و رغم أن الحكيم كان يطمئنهم و يدعوهم للصبر و المكوث على الكراسي في قاعة استقبال المرضى، إلا أنهم اختاروا أن يخرجوا ليتنفسوا هواء نقيا كما قال أحدهم و هو يلوح بيده. احتار سي الطاهر ماذا يفعل ؟!، فتأخر الطبيب مقلق بالفعل، و ليس من عادته أن يتأخر كل هذا الوقت. انتبه إلى عجوز تدخل عليه قاعة الفحص لتسجل. نظر إليها، كانت تلبس عباءة خشنة و تغطي رأسها و جزءا كبيرا من وجهها. سألها عن اسمها و هل هذه أول مرة تأتي إلى المستوصف و أخذ دفتر تسجيل المرضى و أمسك القلم إلا أنه لم يسمع جوابا. رفع رأسه و نظر إلى العجوز. كانت تشير عليه أن يدخل غرفة الطبيب. لم يفهم سي الطاهر و لكنه لبّى طلبها. أغلقت العجوز الباب تحت استغراب الحكيم و رفعت الغطاء عن وجهها. من؟ كانت المفاجأة صادمة: العجوز لم تكن سوى الطبيب "سي محمد علي". عاد الحكيم إلى الوراء من هول المفاجأة و قال في همس: ماهذا؟ لم أفهم شيئا. أحكم سي محمد علي إغلاق باب الغرفة و جلس على الكرسي مفسرا: "يا حكيم لم أجد طريقة أخرى للتخفي، فاستمعْ إليّ جيدا. لا أعرف كيف؟ و لكن الجندرمة عرفوا بالأمر و هم يبحثون عني و عنك و عن الفيتوري، ذلك الشاب الذي انضم إلينا مؤخرا. خسارة أنني لم أستطع تحذيره لأنني لا أعرف بيته. سيحلّ جندرمة المستعمر الفرنسي هنا بين الفينة و الأخرى. علينا أن نجد مخبأ آمنا و بسرعة." لم يتكلم سي الطاهر، فالأمر غير متوقع و ما زال لم يستوعب الوضع بعد. انتابته موجة من الهواجس: كيف اكتشف الجندرمة الأمر؟ هل يكون بيننا جاسوس؟ لا، لا، مستحيل! نحن نعمل في سرية شديدة منذ سنوات و لم يتفطن إلينا المستعمر. الأمر محيّر. ماذا نفعل؟ كيف نحذّر البقية؟ انتشله صوت "سي محمد علي" هامسا: أسرع فالأمر أخطر مما تتصور. و في لمح البصر عاد الحكيم إلى وعيه و أحس بالمسؤولية و استعاد دور القائد و أشار للطبيب أن يتبعه. خرج ممرض القرية و معه العجوز وشد انتباهه عدد المرضى الكبير أمام المستوصف. قال بصوت عال: انتبهوا إليّ إخوتي, لن يأتي الطبيب اليوم و هو يعتذر منكم و سنؤجل العيادة إلى الأسبوع المقبل. بدأ المرضى في الانصراف في غمغمة و هرج و مرج. لم يدخل الحكيم بيته و لكنه اتجه نحو بيت الخالة محبوبة. يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )