فنُّ المسرحية ، ولغة المسرح ( أدب عربي )

استمعت إلى أستاذي الدكتور / أحمد محمد الحوفي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية دار العلوم جامعة القاهرة أثناء دراستي الجامعية ، وقمت بتسجيل وقمت بتسجيل المحاضرة لإعجابي بها في السنة النهائية بالسنة الرابعة عام التخرج 1965 ، وقمت بسؤال الدكتور المحاضر سؤالا في نهاية المحاضرة عن رأيه الشخصي في لغة المسرح بمصر ؟! حيث كانت المحاضرة يتعدد بها آراء المتخصصين في الأدب العربي الحديث ؛ وأجاب سيادته عن سؤالي بقوله : الخلاصة إنني من الدُّعاة إلى استخدام الفصحى السهلة البسيطة في لغة المسرح لأرتقي بالعامية إلى المستوى الذي ينبغي أن ترقى إليه ، أما الإصرار على استخدام اللغة العامية وحدها فإنه تحجر بالعامية أو هبوط إلى مستواها اللغوي ، وهذا لاينبغي أن يكون من أديب عربي . ===================================================== والحديث عن لغة المسرح في المحاضرة ملخصه كالتالي : لاشك أن التعبير باللغة الفصحى من أول ما يجب أن يلتزمه الأديب لأنها لغة البيان ، ولغة الثقافة ورمز القومية ، لأنها تمتاز بالغى والمرونة والدقة في قواعدها النحوية والصرفية والبلاغية ، وهي بتاريخها الطويل العريض حملت من ثقافات الأمم من خصائص القوة ما يجعلها جديرة بالبقاء . ... والحقيقة أنه ليس لدينا ما يثبت أن العرب عالجوا هذا الضرب من الأدب في أدبهم القديم ، فنشأتها ترجع إلى نحو 70 إلى 80 عاما مضت ـ وكانت المحاضرة عام 1965م ـ وعرفت لغة المسرح ونشأة المسرحية حينما أراد إسماعيل باشا أن تكون مصر قطعة من أوروبا كما زعم ؛ ومعنى هذا أن المسرحية لون من أولوان الأدب الدخيلة على الأدب العربي ، وهنا نتعرف إلى رأيين في لغة المسرحية ....* * الرأي الأول : =============== أن تكون المسرحية باللغة الشعبية المحلية ؛ لأنها في نظر أصحاب هذا الرأي نشأت في الغرب هذه النشأة فكانت بلغة الشعب الدائرة بين الناس على الألسنة مع العناية بسمو الأسلوب أحيانا ، وأنها تصور الحياة الواقعية للناس بين بعضهم البعض ، فيجب أن تكون باللغة الدَّارِجَةِ فإذا كان هذا من أهداف المسرحية فهو عرض محادثة مستخلصةٍ من حب الحياة ، فيجب على الكاتب أن ينطقَ الأشخاص فيها بلغتهم التي تمثل شخصياتهم وأفكارهم .... ويستدلون أيضا بأن المسرحيات الإنجليزية لا تخلو من عبارات لا يستعملها الأدباء في كتبهم الأدبية ، أو قصصهم غير المسرحية ، ومن هنا يدعو أصحاب هذا الرأي لكتابة مسرحياتنا بالعامية ..... * الرأي الثاني : ================ يرتضي كثير من علماء الأدب العربي أن تكون لغة المسرحية الفصحى ولا يعنون بذلك أن تكون لغة متعمقة فيها غريب الألفاظ الصعبة ، وإنما يرون أن تكون عرية سليمة جارية على قواعد اللغة العربية وأصولها بحيث يفهمها سامعها سواء كان مثقفا أم غير مثقفٍ ....... ويستدلون بقولهم إن الادعاء بأن لغة المسرح يجب أن تمثل الواقع كما هو فإنه ادِّعاءٌ باطل ؛ لأن القصة تعبر عن أفكار الشخصيات وعواطفهم بلغة غير لغتها التي تستخدمها في حياتها اليومية ، ثم إن الرغبة في أن تكون لغة المسرح هي لغة الحياة اليومية العادية ليكون صورة من الواقع رغبة غير صحيحة لأن المسرح لا يصور الواقع تماما ...والدليل أن هناك أعمالا كثيرة لاتحدث على المسرح مع أنها تحدث في الحياة اليومية وتحدث للشخصيات في المسرح نفسها ، ومع ذلك فإن التعبير عن أفكار الشخصيات بلغة أرقى من لغتها اليومية ليس فيه شيء من التزييف للحقيقة لأن هذه اللغة هي التي تترجم عن أفكارهم وأحوالهم وخصوصا أن المهم في التصوير الحياة بالنسبة إلى هؤلاء وهو أفكارهم لا ألفاظهم نفسها ومن هنا يعاب على مؤلف المسرحية أن يُنْطِقَ الخادم بالفلسفة أو أن ينطق الطفل بالحكمة ..... ========================================================== ثم يسأل المحاضر سؤالا على ضوء الرأيين المذكورين سابقا : * إذا كانت لغة المسرح يجب أن تلتزم الواقع تماما فلماذا لا نجعلها خليطا من العربية والإنجليزية والإيطالية مثلا ؟! * الجواب : لأن المسرحية تدور أحداثها حول أشخاص عرب وإنجليز وطليان ، وشيء آخر نعرفه جميعا وهو أن الأدب ليس تصويرا للواقع حتى في اللغة وإنما هو يصور الواقع في جوهره ؛ وما اللغة إلا زِيٌّ من الأزياء يتغير ويتبدل بحيث لا يخفي معالم الشخصية ، ولدينا القرآن الكريم وهو حافل بالأقوال التي ذكرها عن النصارى واليهود وغيرهم من الأمم والأفراد بأسلوبه الخاص . ولكل محب للمسرح يختار نوعية المسرحية الهادفة التي تعالج قضيته باللغة التي يفهمها في واقعه الحياتي الراقي في استماعه وفي حواره وحديثه مع الآخرين ...... ========================================= والله أعلم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )