حصة امتحان
ذكريات .
يربو على العشرين عدد الطلاب أمامي الآن , وشمس الصباح تحتجب خلف جدر المدرسة , والشرق يلمع على حافة السماء الشرقية كبريق تبر جميل ولما تنقض حصة الصباح الأولى في فصل 2\2 .
الطلاب يؤدون امتحان الفترة الأولى , في قواعد اللغة العربية , وعيوني تلاحظهم في التفات متقطع , ويقظة غير ملفتة , ثم تأخذني هذه السطور تارة , وأغوص في عديد من الأفكار تارة أخرى , والفصل يطل بنافذته الزجاجية المكسورة على شارع عريض يفصل مباني المدرسة العتيقة عن المارة . ومن آن لآن يعبر الطريق عابر , فيشدني للالتفات اليه وهو يحث الخطى ليتلقى ضربات الصقيع التي تولي هاربة أمام انقضاض الشمس على السماء ببطء وهدوء.
صرير أقلام الطلاب بعضها يهمس في أذني , وحفيف أوراق كراسات اجاباتهم يكسر موجة الصمت المطبقة على الفصل , ترك البرد لمساته على تنفس الطلاب الذين أصيب بعضهم بزكام الشتاء . ويجذب بصري طالب وضع طرف القلم في فمه , وباطن كفه تحتضن دقنه الصغيرة , بينما تتمدد أصابعه على جانب خده نائمة , وهنا في الصف الثاني على أول المقاعد تتسلل الأشعة من النافذة المكسورة فتشمل بعطفها الدافيء تلميذين منهمكين في التفكير , وأطرقت والقلم بين أصابعي شارد الذهن وعيوني تحملق في الطلاب , الجميع صامت يتكلم في الأوراق , وشارد مثلي من التلاميذ راح يطرق منضدته برفق وعيونه تقرأ ما كتب , لا يبدو عليه أنه في امتحان , حقا لقد أعجبني هدوء أعصابه , فتركت سطور الصفحة ووضعت القلم جانبا , وتحركت ببطء تجاهه وشاركته فيما هو فيه من القراءة بعيوني وأنا واقف خلفه , ثم ابتسمت وهو ينظر الى , وعدت لأتابع تسجيل الأفكار , وقد بدأت الشمس تجود بدفئها اللذيذ , وأحسست أنني رب هؤلاء الصغار الطيبين الآن, وكنت سعيدا بهدوئهم , وقلت في نفسي هل هم خائفون ؟! من الامتحان أم مني ؟! لماذا تلجمهم الأسئلة بلجام الخوف ؟! فلم أكن يوما بالنسبة لهم الا الأب الحنون الذي يحبونه ويحترمونه . أليسوا في أوقات كثيرة دائمي الشغب والضوضاء ؟!! لكنهم في كلا الحالين مصدر سعادة لي , في شقاوتهم الطفولية البريئة وفي هدوئهم الآن .
كم من مثلهم جلسوا أمامي منذ عشر سنين . آه . كم علق بذهني منهم أو منهن !! براعم وزهرت لها شذا الرياحين والياسمين , وأنا أقحوان ذابل تدركه العيون فتغفو عنه قائلة : كان لنا فيه ربيع .
هكذا حالك أيها المسكين , حياتك كلها شتاء يروي زهور الآخرين . فأين زهورك أنت التي تنتظرها ؟!!. أمل راودني في الأبوة الحقيقية.
يربو على العشرين عدد الطلاب أمامي الآن , وشمس الصباح تحتجب خلف جدر المدرسة , والشرق يلمع على حافة السماء الشرقية كبريق تبر جميل ولما تنقض حصة الصباح الأولى في فصل 2\2 .
الطلاب يؤدون امتحان الفترة الأولى , في قواعد اللغة العربية , وعيوني تلاحظهم في التفات متقطع , ويقظة غير ملفتة , ثم تأخذني هذه السطور تارة , وأغوص في عديد من الأفكار تارة أخرى , والفصل يطل بنافذته الزجاجية المكسورة على شارع عريض يفصل مباني المدرسة العتيقة عن المارة . ومن آن لآن يعبر الطريق عابر , فيشدني للالتفات اليه وهو يحث الخطى ليتلقى ضربات الصقيع التي تولي هاربة أمام انقضاض الشمس على السماء ببطء وهدوء.
صرير أقلام الطلاب بعضها يهمس في أذني , وحفيف أوراق كراسات اجاباتهم يكسر موجة الصمت المطبقة على الفصل , ترك البرد لمساته على تنفس الطلاب الذين أصيب بعضهم بزكام الشتاء . ويجذب بصري طالب وضع طرف القلم في فمه , وباطن كفه تحتضن دقنه الصغيرة , بينما تتمدد أصابعه على جانب خده نائمة , وهنا في الصف الثاني على أول المقاعد تتسلل الأشعة من النافذة المكسورة فتشمل بعطفها الدافيء تلميذين منهمكين في التفكير , وأطرقت والقلم بين أصابعي شارد الذهن وعيوني تحملق في الطلاب , الجميع صامت يتكلم في الأوراق , وشارد مثلي من التلاميذ راح يطرق منضدته برفق وعيونه تقرأ ما كتب , لا يبدو عليه أنه في امتحان , حقا لقد أعجبني هدوء أعصابه , فتركت سطور الصفحة ووضعت القلم جانبا , وتحركت ببطء تجاهه وشاركته فيما هو فيه من القراءة بعيوني وأنا واقف خلفه , ثم ابتسمت وهو ينظر الى , وعدت لأتابع تسجيل الأفكار , وقد بدأت الشمس تجود بدفئها اللذيذ , وأحسست أنني رب هؤلاء الصغار الطيبين الآن, وكنت سعيدا بهدوئهم , وقلت في نفسي هل هم خائفون ؟! من الامتحان أم مني ؟! لماذا تلجمهم الأسئلة بلجام الخوف ؟! فلم أكن يوما بالنسبة لهم الا الأب الحنون الذي يحبونه ويحترمونه . أليسوا في أوقات كثيرة دائمي الشغب والضوضاء ؟!! لكنهم في كلا الحالين مصدر سعادة لي , في شقاوتهم الطفولية البريئة وفي هدوئهم الآن .
كم من مثلهم جلسوا أمامي منذ عشر سنين . آه . كم علق بذهني منهم أو منهن !! براعم وزهرت لها شذا الرياحين والياسمين , وأنا أقحوان ذابل تدركه العيون فتغفو عنه قائلة : كان لنا فيه ربيع .
هكذا حالك أيها المسكين , حياتك كلها شتاء يروي زهور الآخرين . فأين زهورك أنت التي تنتظرها ؟!!. أمل راودني في الأبوة الحقيقية.
تعليقات