النوم صحة

لاأقصد النوم على طول .!!
ساعتها سيكون النوم كما قال الشاعر الرصافي يسخر من الكسالى والراضين بالذل :

ياقوم لاتتكلموا *** ان الكلام محرم
ناموا ولا تستيقظوا** ما فاز الا النوم
وتأخروا عن كل ما * يقضي بأن تتقدموا
ودعوا التفهم جانبا **فالخير ألا تفهموا

==================
دفعتني هذه الأبيات للتفكير في النوم , والبحث عن موضوع جديد عنه :
هل هناك علاقة بين النوم وصحة الانسان ؟!!
وما هو النوم المفيد ؟ وما غير المفيد ؟
باديء ذي بدء .. الصحة وثيقة الصلة بالنوم , اذا كان يجلب السعادة والبهجة وراحة البال . فمتى يكون ذلك؟!!
يكون عندما يبذل الانسان مجهودا أو طاقة في عمله أو رياضته أو طعامه أو شرابه أو حتى مشيه من مكان الى آخر في يومه أول ليله ,مسائه أو صباحه .!!
ساعتها يحتاج الى فترة استرخاء , يستجمع فيها هواه , ويسترجع فيها نشاطه . والله سبحانه وتعالى الرحيم بعباده ( جعل الليل لباسا , وجعل النهار معاشا , وجعل النوم أمنا وسلاما يغشى الانسان وراحة له من التعب وبذل الطاقة :( اذ يغشيكم النعاس أمنة منه ) ( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا .)
فالنوم مريح للقوة النفسانية , لأن النائم في حالة استرخاء يسترد عافيته , والنائم بمنزلة الميت . وحارسه هو الله سبحانه وتعالى يحرس نفسه وبدنه من طوارق الآفات بالليل والنهار , فيستفيد النائم ما يلي :
* ينال السكن والشعور بالراحة فتستريح حواسه , من نصب اليقظة , ويذهب عنه الاعياء والتعب .
*كما يتم وهو نائم هضم الطعام , ونضج الأخلاط بداخله , فالحرارة الغريزية تغور الى باطن البدن فتعين على الهضم , ولهذا يشعر الانسان
بالبرد , ويحتاج الى غطاء .
* واذا كان نومه في أول الليل فهو للجسم أفيد , وللعافية أصح , قال تعالى :( وجعلنا نومكم سباتا , وجعلنا الليل لباسا , وجعلنا النهار معاشا .) الا اذا كان عمل المرء ليلا , فلا بد له أيضا من راحة , ونسأل الله العافية والسلامة .
* وأنفع النوم ما كان على الجانب الأيمن , ليستقر الطعام بهذه الهيئة في المعدة , ثم يميل على الجانب الأيسر ليسرع الهضم بذلك لاستمالة المعدة على الكبد , ثم على الجانب الأيمن , ليكون الغذاء أسرع انحدارا عن المعدة ولا يضر القلب في الشق الأيسر , والذي يقلبه في نومه هو خالقه الذي يرعاه ويدري مصلحته , وعندئذ يمسك البدن عن الحركة , وتسترخي الأعصاب , ويصبح النائم كالميت , ويستغرق في نوم طبيعي .فيه صحة له باذن الله .
ولقد قرأت في كتاب :( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق فيه الشيخان ) عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
اذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة , ثم اضطجع على شقك الأيمن , وقل : اللهم اني وجهت وجهي اليك , واسلمت ظهري اليك , لا منجى منك الا اليك , بك آمنت , وعليك توكلت , اللهم أن قبضت اليك روحي فارحمها , وان أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.............. الى آخر الأدعية الطيبة المأثورة عن رسول الله بشأن ذلك .) فاذا فعلت ومت مت على الفطرة .
أما النوم الضار غير المفيد لصاحبه :
فان أكثر شيء يضر الصحة ,هو السهر الدائم الطويل , وعدم أخذ الجسم لراحته , فيصاب الانسان بالضعف والهزال في البدن والعقل .( ان لربك عليك حقا وان لبدنك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه.) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولقد كان النبي عليه الصلاة والسلام ينهى عن النوم على الأكل , أي بعد الأكل مباشرة , فهذا النوم يقسي القلب , ومن هنا يوصي الأطباء لمن أراد حفظ صحته أن يمشي بعد العشاء , ولو مائة خطوة .
قال بعض السلف :( قرأت ذلك في كتاب : الاسلام والصحة ) للشيح رفاعي غنيم .
( من نام بعد العصر فاختلس عقله , فلا يلومن الا نفسه .)
وقال الشاعر :
ألاان نومات الضحى تورث الفتى = خبالا , ونومات العصير جنون
وأما ماكان العرب يطلقونه على بنت الأثرياء والمرفهين : ( نئوم الضحى ) أي التي تنام حتى الضحى لوجود من يقوم على خدمتها , فلقد أثبتت التجارب الحياتية والطبية أن ذلك مضر لها في حياتها اجتماعيا وصحيا .
*ومن النوم الضار كذلك : النوم في الشمس فهو يثير الداء الدفين , واذا نام الانسان بعضه في الشمس , وبعضه في الظل فذلك رديء .
* والنوم على الوجه أو البطن أقبح النومات , لمخالفته للعادة الجيدة في النوم , فقد جاء في سنن ابن ماجه : أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل نائم في المسجد فمسه برجله وقال :( قم فانها نومة جهنمية .)
* ونوم الصبح يمنع الرزق , لأنه وقت يطلب فيه الناس أرزاقهم , فالبركة في البكور كما يقولون :
فالطيور تقوم من أعشاشها , وتغدو للسعي خماصا , وتعود بطانا . الا اذا كان العمل الصالح له ليلا , وهو مصدر رزقه الحلال .
* والأرق أو مرض القلق الذي يفسد على الانسان نومه وراحته , ناتج عن الاضطرابات النفسية الناشئة عن الخوف , أو الأفكار المتراكمة , أو الهموم , أو امتلاء المعدة بالأخلاط من الأطعمة والأشربة , أو الجوع الشديد . فهذا النوم لا صحة معه .
وللأرق علاجه الرباني : في ذكر الله , والصلاة في جوف الليل , والوضوء , والدعاء المأثور فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم رب السموات السبع وما أظلت , ورب الأرضين السبع وما أقلت , كن جارا لي من شر خلقك أجمعين , أن يفرط على أحد منهم أو أن يطغى , عز جارك , وتبارك اسمك ............) وهذا الدعاء لو واظب عليه المؤمن لهو أفيد من الحبوب المنومة , أو المخدرة , أو المهدئة , لأنها تتلف البدن والعقل . أما ذكر الله سبحانه وتعالى فهو يطمئن القلب ويهديء النفس ويريح الأعصاب ويجلب السعادة والراحة فيهنأ صاحبها .
وسبحان من قال في كتابه الكريم :( ألا بذكر الله تطمئن القلوب .) وأرجو لكم نوما هنيئا , وحياة صحية سعيدة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأوامر الإلهية في الآيات القرآنية

البلاغة والمجاز

الكلام ، والقول والحديث ... ( فروق لغوية )