قصة الأب والابن
نحن في باريس في قصر الكونت ( دي فاريني ) الذي يتجلى فيه الذوق والغنى الطائل , فنجد هذا الشيخ القاسي يستقبل ( محضرا ) من محضري المحكمة , وقد جاء يتوسط لديه في ولده ( ولد الكونت : جان ) فالكونت غاضب عليه على ابنه , لأنه فنان , ويذهب في فنه الى حد الاستهتار , بتقاليد أسرته العريقة , وهو سليل نبلاء , فيقبل الغناء في مقهى أو حان ليلي , ويدنس بذلك اسم الاسرة , ويهجر الدراسة ليعمل مهرجا في سيرك .يتوسل المحضر الى الكونت , ويصف له بؤس ولده وشقائه حيث يسكن في شقة من غرفة واحدة حقيرة , وهو مدين للمالك والخباز والحلاق والخياط . وله أيضا بسبعة آلاف وأربعة مائة واثنين وستين فرنكا , لأنه جاء ليحجز عليه مرة , فراقه شبابه وجمال صاحبته , فعدل عن الحجز وسدد لهما الدين , ونشأ بينه وبين العاشقين شبه صداقة .ويستمر المحضر في توسلاته حتى يلين قلب الكونت لمصلحة مادية بالنسبة له , ويرضى [ان يغفر لولده , ويعرض على المحضر نصف مليون فرنك بدل دين ولده شريطة أن يقنعه بترك خليلته ( مايكل ) ويتزوج من ( كوتاري) ابنة كونت مثله , فاذا اعترض المحضر بأن لها صاحب يحبها لأنه يعرفها . هز الكونت كتفيه باحتقار لهذه العلاقات الطائشة قائلا : ليس هوى الفتى قبل الزواج الانزقا ولعبا وليست خليلته الا شبحا , لكن الوالد أصر على شروطه , فينتقل المحضر الى بيت الابن ( جان ) وهو كوخ فقير , يجد الحبيبان ( جان ومايكا ) يتناولان الطعام وقد شغلتهما العواطف عن كل شيء , حتى عن الجوع , فهو فنان يحارب بحبه الفقر الذل والقهر , وهي رومانية جاءت من باريس لتدرس الطب , فجمعت شبابه الى شبابها وراحا معا يتعاونان بالعاطفة قبل اللقمة . وقد ساندها كثيرا من دخله البسيط .ويجيء البريد والمحضر موجود عندهما , ويحمل رسائل كلها مطالبات بديون لا تحمل الا الهموم , ماعدا رسالة واحدة موجهة لمايكا ,وفيها :( لقد قلت لك آخر مرة رأيتك فيها اني أحبك , وكنت تلبسين ثوبا متواضعا من التفتاء السوداء ,أيكون كل هذا الجمال في هذا البؤس والشقاء ؟!! أهذا في الامكان ؟ اذا مللت حياتك التعسة , فأبدي لي أية اشارة أيتها الانسة فتصبحي سيدة النساء وأسعدهن لأني أعشقك ومشغوف بك حبا ...) البارون هورليت 21 شارع دومال باريس تناقشا في الموضوع , وروت مايكا لجان قصة البارون ( انه شيخ وجيه انتظرها مرتين أو ثلاثا عند باب كلية الطب , وأراد أن يغازلها , ويبسط عليها حمايته , وانه لا شك رجل ثري جدا لأن سيارته كانت بحجم الترام , وقالت : انه تبعها حتى البيت ذات مرة , ليعرف عنوانها . وخاطبها قائلا : نفس الكلمات التي وردت بالخطاب , فردت عليه : شكرا ياسيدي فاني لا أبحث عن أب , لأن أبي مازال على قيد الحياة .)!!!!ويتفق جان مع حبيبته مايكا أن يذهب بعد تهديد المحضر له بالحجز عليه , الى والده, ليتزوج ( كوتاري ) ويحصل منه على النصف مليون فرنك , ثم يطلقها ويعود لحبيبته , ليسددا ماعليهما من ديون , وينقذا حياتهما من السجن والموت , فقرا وجوعا .ويتعانقان ويبكيان وهما لا يريدا أن يفترقا والمحضر يؤمل الفراق ليساوم مايكا بعد مغادرة جان , وفعلا ساومها ورفضت التخلي عن حبيبها جان , ثم بدأ يغريها بأنه سيتزوج من غيرها وأن ( كوتاري ) تحبه , وأن الكونت والده لن يعطيه المال بسهولة الا اذا استمر مطيعا له , وهنا تفكر مايكا كيف يضحي هو وهي لاتضحي .مثله قالت للمحضر : هل معك نصف مليون فرنك ؟!! قال : هذا كثير ؟قالت : هناك من عرض على كما رأتيت في الخطاب نصف مليون فرنك وهو يحبني .سوف أذهب اليه وأبعث الى جان ليحضر , فانني سأحصل من البارون ( هورليت ) على نصف المليون ثم أتركه وأعود لحبيبي .وقررت أن تقرع بابه وهو الشيخ الوجيه لتحصل منه المبلغ , وأرسلت فعلا الى جان أن أحضر فورا , فقد وجدت الحل ,وفي قصر البارون فرح الشيخ الوجيه , وقدم الخدم عشاء فاخرا , وأخذت تحكي له قصتها مع ( جان ) وكانت المفاجأة , ترك البارون لها القصر , وأوصى الخدم أن يكونوا تحت طلبها متى شاءت فلم يكن الا والد (جان ) متنكرا في اسم البارون وقد استمع اليها وهي تتضرع اليه أن ينقذ حبيبها من الزواج من غيرها لأنها ستنتحر ان فعل هذا فهي تحبه وتعشقه , وأنها تهب نفسها للبارون نظير مبلغ نصف مليون فرنك لتسديد ديونهما .ويهرول البارون والد جان نفسه الى القصر الآخر الذي توجه اليه ابنه جان ويخبره بأن حبيبته ( مايكا ) قد توجهت الى قصر البارون ( هورليت ) وألقت بنفسها في أحضانه بعد أن غادرها جان , فيطير لب الشاب المسكين , ويعود مسرعا اليها ,لكن الأب يسبقه الى هناك . وفي داخل القصر يفاجأ جان بوالده ويتنازل له عن القصر وعن النصف مليون التي وعده بها هدية لزواجهما . ويحتضن الأب والابن ومايكا في سعادة .***************هذه القصة مقتبسة من قصة مترجمة للكاتب لويس فرناي ) من كتاب رجال ونساءللكاتب المصري ( أحمد محمد الصاوي .) بتصرف
تعليقات