الجانب الثاني ( مربط الفرس)
نواصل الحديث مع (روابط) :
كنا نتحدث عن التعليم المتردي في أوطاننا العربية , وما وصل اليه مستوى الخريجين من جهل وبعد عن الثقافة .والمعرفة بلغتهم الأصيلة , وتعلم اللغات الأجنبية لمواجهة تكنولوجيا التطور الحديثة ( Links ) ليرتبطوا بكل جديد في عالمهم .
و (مربط الفرس .)
أعني : محور الحديث عن نهضة التعليم , فقد سئل الرئيس الأمريكي ( روزفلت ) : من هم الأحرار من وجهة نظرك ؟
فأجاب على الفور : انهم الذين يعرفون كيف يقرأون وكيف يكتبون .؟!!
فبالتأمل والتدقيق نستطيع أن نعرف أن نهضة التعليم هي أساس التنمية والحرية والتقدم .
وهذا المعنى هو نفسه الذي جاء به الاسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان , فكانت بداية الوحي السماوي عندما صافحت كلمات الحق أذن الأرض بالرسالة المحمدية حيث قال جبريل لمحمد : ( اقرأ ) ومحمد يجيب : ماأنا بقاريء ؟!! ثلاث مرات .
ويأتي أول المنهج الرباني الالهي بكلمات الله سبحانه وتعالى الآمرة بالخير : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ....)
ثم توالت بعدها آيات النور والهداية في سور القرآن الكريم , تحث على القراءة والكتابة , مثل :
( ياأيها الذي آمنوا اذا تداينتم بدين الى أجل مسمى فاكتبوه , وليكتب بينكم كاتب بالعدل , ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله , فليكتب وليملل الذي عليه الحق .......), ( ن والقلم وما يسطرون .......)
وها هو الرسول عليه الصلاة و السلام يطلب من أسرى بدر المتعلمين , أن يعلم كل واحد منهم ( عشرة من المسلمين غير المتعلمين ) القراءة والكتابة حتى يطلق سراحه .ويراجع رأي عمر بقتلهم , ويؤيد رأي الصديق ببقائهم : لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله ويعبده .
ما من أمة اهتمت بمناهج البحث العلمي ورعاية نظم التعليم فيها من البداية وخططت له على المدى البعيد الا ارتقت ونمت وخرجت من كبوتها وعثرتها , والتحرر الحقيقي كما رأينا في أول المقال على لسان ( روزفلت ) هو في معرفة القراءة والكتابة .أي التعليم الجيد.
والأمثلة على ذلك أمامنا في اليابان وألمانيا وخصوصا بعد الحروب العالمية التي دمرت كل شيء , وحتى في أمريكا نفسها تؤكد أن الرابط بين تقدم هذه الشعوب ونهضتها الفائقة اليوم هو في التعليم .والاهتمام به ورعايته والتخطيط لجودته الشاملة على أبعد مدى .
وفي عصور الازدهار العلمي والثقافي العربي في العهد العباسي , امتدت العلوم العربية لتكون النواة الأولى للنهضة العلمية في كثير من بلدان العالم في شتى المجالات , في الطب والهندسة والفلك والرياضة والجغرافيا والتأليف في الآداب والفنون وغيرها , حتى انتقلت معظم المصطلحات العربية وصارت تشير في اللغات الأجنبية الى أصول ومنارات عربية ترجع الفضل لأصحابها أمثال الخوارزمي والفارابي وابن سينا وجابر بن حيان وغيرهم .
وبنظرة فاحصة لما نحن عليه اليوم , نلحظ التخلف والتخبط في مناهجنا ومدارسنا وجامعاتنا وخريجيينا , ومن علامات هذا التخبط مثلا :
حذف سنة من التعليم في المرحلة الابتدائية مرة , ثم اضافتها مرة أخرى من جديد .
التغيير المستمر من السيء الى الأسوأ في نظام التعليم بالمرحلة الثانوية , والارتباط بالوزير الجديد في تغيير كل نظام دون سياسة ثابتة .
ومن أمثلة التخلف في مستوى الخريجين اليوم : مانراه من الجهل الثقافي بمعرفة اللغات الأجنبية أو الالتزام حتى بقواعد العربية السليمة في الكتابة أو الأحاديث الاذاعية والتلفزيونية والخطب المنبرية والحوارات الشخصية على أعلى المستويات الفكرية .
رداءة الخطوط التي يكتب بها الناس من الموظفين أو الخريجين وعدم استطاعة الآخرين قراءتها بسهولة ووضوح , كما نلحظ ذلك في ( روشتات ) الأطباء , أو حتى الرسائل المتبادلة بين المصالح والمكتوبة باليد , وحتى كتابات المدرسين أنفسهم لطلابهم .
أما عن تخلف المناهج الدراسية فحدث عنه ولا حرج , ويكفى أن منهجا واحدا كاللغة العربية تمر عليه عشرات السنين دون أن يطور أو يجدد في موضوعاته , أو كتبه أو معلوماته .
وأصبحت حال الجامعات أسوأ من حال المدارس . ولما كان من الحقيقي ( أن فاقد الشيء لا يعطيه .) فكيف نطلب من المعلمين أو الأساتذة في الجامعات أن ينتجوا لنا جريجين على مستوى من الكفاءة والرقي .
وها أنت تسمع أغلاطا في كل حديث , وترى أخطاءا في كل سطر مكتوب في صحيفة أو مجلة أو كتاب نحوي واملائي حتى أصبح النشاذ أغنية رديئة تتردد فتؤلم أصحاب القرائح السليمة المحبين للغة وآدابها الأصيلة .
ذلك كله لأننا لم نواظب منذ البداية على الالتزام بالرباط على التعليم المؤسس لبناء مستقبل الأمة , فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ونأتي في النهاية الى مربط الفرس
ألا نلتزم بالمواظبة على الجهاد في كفاح الأعداء ( الجهل ) ( والتخلف ) ( والمرض ) وكل أشكال الاستعمار الحديث . بقلوبنا وأفئدتنا وجميع مصادرنا لهذه القوة , ونحافظ عليها كرباط متين , يكفل لنا السيادة والمنعة والعزة , قال تعالى :
( يا أيها الذي آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون .) آخر سورة آل عمران .
ان الوصول لأي غرض من الأغراض سهل وممكن بالسعي اليه , لكن الاستمرار عليه يحتاج الى رباط الخيل أو ( مربط الفرس .)
كنا نتحدث عن التعليم المتردي في أوطاننا العربية , وما وصل اليه مستوى الخريجين من جهل وبعد عن الثقافة .والمعرفة بلغتهم الأصيلة , وتعلم اللغات الأجنبية لمواجهة تكنولوجيا التطور الحديثة ( Links ) ليرتبطوا بكل جديد في عالمهم .
و (مربط الفرس .)
أعني : محور الحديث عن نهضة التعليم , فقد سئل الرئيس الأمريكي ( روزفلت ) : من هم الأحرار من وجهة نظرك ؟
فأجاب على الفور : انهم الذين يعرفون كيف يقرأون وكيف يكتبون .؟!!
فبالتأمل والتدقيق نستطيع أن نعرف أن نهضة التعليم هي أساس التنمية والحرية والتقدم .
وهذا المعنى هو نفسه الذي جاء به الاسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان , فكانت بداية الوحي السماوي عندما صافحت كلمات الحق أذن الأرض بالرسالة المحمدية حيث قال جبريل لمحمد : ( اقرأ ) ومحمد يجيب : ماأنا بقاريء ؟!! ثلاث مرات .
ويأتي أول المنهج الرباني الالهي بكلمات الله سبحانه وتعالى الآمرة بالخير : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ....)
ثم توالت بعدها آيات النور والهداية في سور القرآن الكريم , تحث على القراءة والكتابة , مثل :
( ياأيها الذي آمنوا اذا تداينتم بدين الى أجل مسمى فاكتبوه , وليكتب بينكم كاتب بالعدل , ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله , فليكتب وليملل الذي عليه الحق .......), ( ن والقلم وما يسطرون .......)
وها هو الرسول عليه الصلاة و السلام يطلب من أسرى بدر المتعلمين , أن يعلم كل واحد منهم ( عشرة من المسلمين غير المتعلمين ) القراءة والكتابة حتى يطلق سراحه .ويراجع رأي عمر بقتلهم , ويؤيد رأي الصديق ببقائهم : لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله ويعبده .
ما من أمة اهتمت بمناهج البحث العلمي ورعاية نظم التعليم فيها من البداية وخططت له على المدى البعيد الا ارتقت ونمت وخرجت من كبوتها وعثرتها , والتحرر الحقيقي كما رأينا في أول المقال على لسان ( روزفلت ) هو في معرفة القراءة والكتابة .أي التعليم الجيد.
والأمثلة على ذلك أمامنا في اليابان وألمانيا وخصوصا بعد الحروب العالمية التي دمرت كل شيء , وحتى في أمريكا نفسها تؤكد أن الرابط بين تقدم هذه الشعوب ونهضتها الفائقة اليوم هو في التعليم .والاهتمام به ورعايته والتخطيط لجودته الشاملة على أبعد مدى .
وفي عصور الازدهار العلمي والثقافي العربي في العهد العباسي , امتدت العلوم العربية لتكون النواة الأولى للنهضة العلمية في كثير من بلدان العالم في شتى المجالات , في الطب والهندسة والفلك والرياضة والجغرافيا والتأليف في الآداب والفنون وغيرها , حتى انتقلت معظم المصطلحات العربية وصارت تشير في اللغات الأجنبية الى أصول ومنارات عربية ترجع الفضل لأصحابها أمثال الخوارزمي والفارابي وابن سينا وجابر بن حيان وغيرهم .
وبنظرة فاحصة لما نحن عليه اليوم , نلحظ التخلف والتخبط في مناهجنا ومدارسنا وجامعاتنا وخريجيينا , ومن علامات هذا التخبط مثلا :
حذف سنة من التعليم في المرحلة الابتدائية مرة , ثم اضافتها مرة أخرى من جديد .
التغيير المستمر من السيء الى الأسوأ في نظام التعليم بالمرحلة الثانوية , والارتباط بالوزير الجديد في تغيير كل نظام دون سياسة ثابتة .
ومن أمثلة التخلف في مستوى الخريجين اليوم : مانراه من الجهل الثقافي بمعرفة اللغات الأجنبية أو الالتزام حتى بقواعد العربية السليمة في الكتابة أو الأحاديث الاذاعية والتلفزيونية والخطب المنبرية والحوارات الشخصية على أعلى المستويات الفكرية .
رداءة الخطوط التي يكتب بها الناس من الموظفين أو الخريجين وعدم استطاعة الآخرين قراءتها بسهولة ووضوح , كما نلحظ ذلك في ( روشتات ) الأطباء , أو حتى الرسائل المتبادلة بين المصالح والمكتوبة باليد , وحتى كتابات المدرسين أنفسهم لطلابهم .
أما عن تخلف المناهج الدراسية فحدث عنه ولا حرج , ويكفى أن منهجا واحدا كاللغة العربية تمر عليه عشرات السنين دون أن يطور أو يجدد في موضوعاته , أو كتبه أو معلوماته .
وأصبحت حال الجامعات أسوأ من حال المدارس . ولما كان من الحقيقي ( أن فاقد الشيء لا يعطيه .) فكيف نطلب من المعلمين أو الأساتذة في الجامعات أن ينتجوا لنا جريجين على مستوى من الكفاءة والرقي .
وها أنت تسمع أغلاطا في كل حديث , وترى أخطاءا في كل سطر مكتوب في صحيفة أو مجلة أو كتاب نحوي واملائي حتى أصبح النشاذ أغنية رديئة تتردد فتؤلم أصحاب القرائح السليمة المحبين للغة وآدابها الأصيلة .
ذلك كله لأننا لم نواظب منذ البداية على الالتزام بالرباط على التعليم المؤسس لبناء مستقبل الأمة , فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ونأتي في النهاية الى مربط الفرس
ألا نلتزم بالمواظبة على الجهاد في كفاح الأعداء ( الجهل ) ( والتخلف ) ( والمرض ) وكل أشكال الاستعمار الحديث . بقلوبنا وأفئدتنا وجميع مصادرنا لهذه القوة , ونحافظ عليها كرباط متين , يكفل لنا السيادة والمنعة والعزة , قال تعالى :
( يا أيها الذي آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون .) آخر سورة آل عمران .
ان الوصول لأي غرض من الأغراض سهل وممكن بالسعي اليه , لكن الاستمرار عليه يحتاج الى رباط الخيل أو ( مربط الفرس .)
تعليقات