هذه الشخصية أحبها !!
هذا الرجل أحبه :
كان بالنسبة لي ليس ككل الآباء الآخرين بمواقفه معي .
كل الآباء ــ الأسوياء ــ رحماء بأبنائهم يرعونهم ,ويحبون أن يكونوا أفضل منهم في حظهم من الحياة .
وصحيح أن الأب أو الوالد راعٍ ومسئول عن رعيته .
لكن أحب هذا الرجل ( أبي )لأنه كافح وعرف قيمة التعليم لمستقبلي ,
ففعل أشياء تفوق طاقة الكثير من الآباء , في حرصهم على تعليم أبنائهم .
وأذكر موقفا واحدا منها؛ وأنا في الصف الرابع الابتدائي وكان نهاية المرحلة الابتدائية في ذلك الوقت.
كنا نذهب إلى المدرسة على بعد خمسة كليومترات من قريتنا وكان الوقت شهر فبراير ( والشتاء في قمته بردا ومطرا )
كنا نذهب إلى المدرسة على بعد خمسة كليومترات من قريتنا وكان الوقت شهر فبراير ( والشتاء في قمته بردا ومطرا )
وكان محصول الأرز في (الجرن ) معدا للدراس .وكنا نذهب إلى المدرسة على الدواب, أو في قطار الدلتا القديم ,
أو في الصيف سيرا على الأقدام .
ويومها كان ذهابنا بقطار الدلتا , ولم يكن معنا ثمن تذكرة العودة .وترك والدي محصول الأرز وركب الدابة ,
وأسرع لإحضاري من المدرسة خوفا علي من البرد والشتاء ,والعودة ماشيا في ذلك الجو .
ودثرني بعباءته أمامه على الدابة , وعاد وهو يشجعني على التعليم , ويذكر لي فوائده ومستقبل المتعلم ,
إذا تحمل الظروف الصعبة في ذلك ورجعنا لنجد محصول الأرز قد أتلفته الأمطار, وامتلأ الجرن بمياه الأمطار,
وانفرطت سنابل الأرز وسط الطين , ولم نستطع أن ننقذ إلا القليل من حِزَمِ الأرز التي لم يتبق من حباتها إلا ماندر .
ولم يحزن أبي وكان يعمل ذلك معي في كل مراحل تعليمي,حتى تخرجت من الجامعة ,
وأقام لي حفلا كبيرا ابتهاجا بحصولي على الشهادة العالية , ولقد حفظت له هذا الجميل ,
فأحببت العلم والقراءة والثقافة واللغة العربية الفصحى التي صنعت مستقبلي ,
وغرست ذلك في أبنائي كما فعل جدهم رحمه الله .
وهذه السيدة أحبها :
تعلمت من أمي :
الأم مدرسة اذا أعددتها= أعددت شعبا طيب الأعراق
كم أسدت لنا أمهاتنا من نصائح , وقدمت لنا من خبراتها , ما ننتفع به ,
بعد أن تتركنا إلى عالم آخر مليء برحمة الله ورعايته .
واذا ذكرنا أمهاتنا ونحن نطبق ما تعلمناه منهن , قد تغلبنا العبرات , ونسأل الله لهن المغفرة والجنة .
عدت مرة للبيت غاضبا من صديق لي لم ينضم معي في لعبة جماعية كنا نلعبها مع أطفال القرية , وأخبرت أمي بذلك ,
فقالت لي :خذ يابني هذه اللعبة ( الميزان له كفتان .) عليك أن تضع كل ما أغضبك من صديقك في كفة , ولا تنس شيئا .
فلما فرغت قالت : سأحاول أن أذكرك ببعض حسناته معك
ـ ألم يعطك من حلواه ؟
ألم تركب على دراجته يوما ؟
ألم يأخذك معه الى حقلهم لأكل الذرة المشوية ؟
ألم يقرضك النقود بالمدرسة يوم ضاعت نقودك ؟
ألم يعدك عندما مرضت وغبت عن المدرسة ؟
......الخ
وأخذت أمي تعدد الكثير من أعمال وأقوال صديقي التي كانت كلها في صالحه .
وأنا أقول على مضض: نعم نعم نعم .
وأخيرا قالت أمي : أنظر يا بني إلى كفته الطيبة.لقد رجحت على كفة مساوئه التي أغضبتك منه .!!!!
عليك دائما قبل أن تنتقد أحدا أو تغضب منه , أن تزن أعماله وأقواله معك ,
ثم تحكم عليه وعلى نفسك أيكما على الحق؟!!
وأيكما يجب أن يتغاضى عن أخطاء الآخر معه ؟
تلك اللعبة أتذكرها الآن وأنا اختلف مع بعض الأصدقاء في آرائهم بالنسبة لتعاملاتهم معي , أوحوارنا حول أية قضية فكرية .
رحمك الله يا أمي وأسكنك الله فسيح جناته .
لقد علمتني كيف أكسب أصدقائي ولا أخسرهم .!!!
تعليقات