بين المناظرة والمراء والجدل
حديثي عن الجدل العلمي بين القبول والرفض :
أولا : من الناحية اللغوية :
المُناظَرَةُ أَن تُناظِرَ أَخاك في أَمر إِذا نَظَرْتُما فيه معاً كيف تأْتيانه.
والتَّناظُرُ: التَّراوُضُ في الأَمر.
ونَظِيرُك: الذي يُراوِضُك وتُناظِرُهُ، وناظَرَه من المُناظَرَة.
والنَّظِيرُ المِثْلُ، وقيل: المثل في كل شيء.
وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ رآهما سواءً. الجوهري: ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه.
وهذا بابٌ من النظر يذهب فيه المناظر إِلى إِلزام حجته بأَيسر ما في الأَمر.
أما الجدَلُ فمن الجَدْل: شِدَّة الفَتْل.
و الجَدَل: مقابلة الحجة بالحجة؛ والمجادلة: المناظرة والمخاصمة، بالباطل وطَلَبُ المغالبة على نظيره.
وفي حديث الرياء: من طَلَبَ العِلْمَ ليُجارِيَ به العُلَماءَ أَي يَجْري معهم في المُناظرة والجِدال ليُظْهِرَ علمه إلى الناس رياء وسُمْعةً.
وعن المرِاء جاء في معانيها اللغوية :
والمِراءُ المُماراةُ والجدَل، والمِراءُ أَيضاً: من الامْتِراءِ والشكِّ.
المُراء، بضم الميم، فهو داء يصيب النخل.
والامْتِراءُ في الشيءِ: الشَّكُّ فيه، وكذلك التَّماري.
وأَصله في اللغة الجِدال وأَن يَستخرج الرجلُ من مُناظره كلاماً ومعاني الخصومة وغيرها
وروي عن النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا تُماروا في القرآن فإِنَّ مِراءً فيه كُفْرٌ؛ المِراءُ: الجدال.
ثانيا : من حيث الرفض والقبول .
ينقسم العلماء إلى فريقين في هذا الشأن ؛ فهناك من يقول بكراهية ورفض الجدل والمباهاة في العلم , ولهم بعض الحجج التي يسوقونها
لتأييد رأيهم ومنها آيات قرآنية , وأحاديث نبوية استشهدوا بها مثل:
قوله تعالى: ( وكان الإنسان أكثر جدلا ) في اللوم على المجادلة وذمها
وقوله تعالى :( ماضربوه لك إلا جدلا )
وما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أبغض الناس إلى الله تعالى الألد الخَصِم )
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( دع المراء ولو كنت محقا )
وروى أبو أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه , إلا أوتوا الجدل .)
وقوله ( لايجد أحدكم حقيقة الإيمان , حتى يدع المراء وهو محق )
لأن المراء يؤدي إلى العداوة بين المسلمين , وتغير النفوس .
وقولهم من تعلم العلم لثلاث ؛ فهو في النار أن يباهي به العلماء , أو يجاري به السفهاء , أو يصرف به وجوه الخلق إلى نفسه .)
قال الشاعر :
تجنب لخدن السوء واحذر وصاله = وإن لم تطق عنه محيصا فداره
وجاور قرين الصدق واحذر مراءه=تنل منه صفو الود مالم تماره
والرأي الثاني : قال به عامة أهل العلم من المسلمين وغيرهم ,وهو
؛ إنه لابأس من المناظرة في العلم إذا قصد بها ظهور الحق وبيانه ,
واستندوا في حججهم إلى :
قول الله تعالى :( وجادلهم بالتي هي أحسن , فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم )
وقوله سبحانه :( فلا تمارِ فيهم إلا مراءً ظاهرًا )
وقوله جل وعلا :( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ..... إلى قوله تعالى : فبهت الذي كفر )
ومن الأحاديث النبوية الشريفة ؛ ماروي عن طلحة بن عبيد الله أنه قال ( تذاكرنا في لحم صيد يأكله المُحْرِم , وقد ذبحه حلالا , والبني عليه السلام نائم , فارتفعت أصواتنا , فاستيقظ صلى الله عليه وسلم من جدالنا ومناظرتنا قال : فيم تتنازعون ؟ فأخبرناه . فأمرنا بأكله , ولم ينكر علينا جدالنا في المسألة ) لأن في المناظرة هنا ظهور الحق من الباطل , وجعل هذا الفريق النظر في طلب الحق مباح .
وقيل لابن عباس : بم أدركت علمك ؟
قال : بلسان سؤول , وقلب عقول , وفؤاد غير ملول , وكف بذول
ونخلص من ذلك أن المناظرة بين العلماء جائزة في الرأي الأصح , إذا ابتعدت عن التباهي والتعالي بالعلم والمعرفة , وجاءت بالحق الساطع
لإزالة الجهالة والباطل , واتسم أصحابها بالتواضع وقوة الحجة والدليل
ولا يكون هناك تعارض بين المناظرة الهادفة لتبيصير الناس بالحق والخير
والصواب , وبين ذم الجدال العقيم الذي يمتليء بالمراء الكاذب والصوت العالي لإبراز الباطل المغلوط في كلمة حق أريد بها باطل , فهذا هو المكروه الذي قال به الفريق الأول .
أولا : من الناحية اللغوية :
المُناظَرَةُ أَن تُناظِرَ أَخاك في أَمر إِذا نَظَرْتُما فيه معاً كيف تأْتيانه.
والتَّناظُرُ: التَّراوُضُ في الأَمر.
ونَظِيرُك: الذي يُراوِضُك وتُناظِرُهُ، وناظَرَه من المُناظَرَة.
والنَّظِيرُ المِثْلُ، وقيل: المثل في كل شيء.
وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ رآهما سواءً. الجوهري: ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه.
وهذا بابٌ من النظر يذهب فيه المناظر إِلى إِلزام حجته بأَيسر ما في الأَمر.
أما الجدَلُ فمن الجَدْل: شِدَّة الفَتْل.
و الجَدَل: مقابلة الحجة بالحجة؛ والمجادلة: المناظرة والمخاصمة، بالباطل وطَلَبُ المغالبة على نظيره.
وفي حديث الرياء: من طَلَبَ العِلْمَ ليُجارِيَ به العُلَماءَ أَي يَجْري معهم في المُناظرة والجِدال ليُظْهِرَ علمه إلى الناس رياء وسُمْعةً.
وعن المرِاء جاء في معانيها اللغوية :
والمِراءُ المُماراةُ والجدَل، والمِراءُ أَيضاً: من الامْتِراءِ والشكِّ.
المُراء، بضم الميم، فهو داء يصيب النخل.
والامْتِراءُ في الشيءِ: الشَّكُّ فيه، وكذلك التَّماري.
وأَصله في اللغة الجِدال وأَن يَستخرج الرجلُ من مُناظره كلاماً ومعاني الخصومة وغيرها
وروي عن النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا تُماروا في القرآن فإِنَّ مِراءً فيه كُفْرٌ؛ المِراءُ: الجدال.
ثانيا : من حيث الرفض والقبول .
ينقسم العلماء إلى فريقين في هذا الشأن ؛ فهناك من يقول بكراهية ورفض الجدل والمباهاة في العلم , ولهم بعض الحجج التي يسوقونها
لتأييد رأيهم ومنها آيات قرآنية , وأحاديث نبوية استشهدوا بها مثل:
قوله تعالى: ( وكان الإنسان أكثر جدلا ) في اللوم على المجادلة وذمها
وقوله تعالى :( ماضربوه لك إلا جدلا )
وما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أبغض الناس إلى الله تعالى الألد الخَصِم )
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :( دع المراء ولو كنت محقا )
وروى أبو أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه , إلا أوتوا الجدل .)
وقوله ( لايجد أحدكم حقيقة الإيمان , حتى يدع المراء وهو محق )
لأن المراء يؤدي إلى العداوة بين المسلمين , وتغير النفوس .
وقولهم من تعلم العلم لثلاث ؛ فهو في النار أن يباهي به العلماء , أو يجاري به السفهاء , أو يصرف به وجوه الخلق إلى نفسه .)
قال الشاعر :
تجنب لخدن السوء واحذر وصاله = وإن لم تطق عنه محيصا فداره
وجاور قرين الصدق واحذر مراءه=تنل منه صفو الود مالم تماره
والرأي الثاني : قال به عامة أهل العلم من المسلمين وغيرهم ,وهو
؛ إنه لابأس من المناظرة في العلم إذا قصد بها ظهور الحق وبيانه ,
واستندوا في حججهم إلى :
قول الله تعالى :( وجادلهم بالتي هي أحسن , فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم )
وقوله سبحانه :( فلا تمارِ فيهم إلا مراءً ظاهرًا )
وقوله جل وعلا :( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ..... إلى قوله تعالى : فبهت الذي كفر )
ومن الأحاديث النبوية الشريفة ؛ ماروي عن طلحة بن عبيد الله أنه قال ( تذاكرنا في لحم صيد يأكله المُحْرِم , وقد ذبحه حلالا , والبني عليه السلام نائم , فارتفعت أصواتنا , فاستيقظ صلى الله عليه وسلم من جدالنا ومناظرتنا قال : فيم تتنازعون ؟ فأخبرناه . فأمرنا بأكله , ولم ينكر علينا جدالنا في المسألة ) لأن في المناظرة هنا ظهور الحق من الباطل , وجعل هذا الفريق النظر في طلب الحق مباح .
وقيل لابن عباس : بم أدركت علمك ؟
قال : بلسان سؤول , وقلب عقول , وفؤاد غير ملول , وكف بذول
ونخلص من ذلك أن المناظرة بين العلماء جائزة في الرأي الأصح , إذا ابتعدت عن التباهي والتعالي بالعلم والمعرفة , وجاءت بالحق الساطع
لإزالة الجهالة والباطل , واتسم أصحابها بالتواضع وقوة الحجة والدليل
ولا يكون هناك تعارض بين المناظرة الهادفة لتبيصير الناس بالحق والخير
والصواب , وبين ذم الجدال العقيم الذي يمتليء بالمراء الكاذب والصوت العالي لإبراز الباطل المغلوط في كلمة حق أريد بها باطل , فهذا هو المكروه الذي قال به الفريق الأول .
تعليقات